كيف تتصفح الجريدة؟

يقرأ البعض الصحيفة اليومية بعناية، ويصرف على قراءتها ساعة وأكثر، لكن البعض الآخر يستعرض الصحيفة بسرعة، ويكتفي بقراءة العناوين الرئيسية والفرعية لأخذ فكرة عامة عن مجريات الأحداث.
كتابة عناوين القصص الإخبارية مهمة يقوم بها المحرر في المطبخ الصحفي، وهي بالغة الأهمية، فالعنوان هو الذي يقرر ما إذا كان القارئ سيقرأ الخبر أم يمر بالعنوان مر الكرام، ويكتفي به باعتبار أنه يلخص الخبر ويقدم المعلومة في برشامة.
المشكلة أن بعض المحررين يضعون عناوين لا تعبر عن الخبر بالشـكل الصحيح، إما بسبب السرعة وضيق الوقت، أو لعدم فهم الخبر، كما يحدث عادة في الأخبار الاقتصادية.
يقول أحد العناوين مثلا : أسعار السلع ما زالت عند مستوياتها المرتفعة بالرغم من انخفاض التضخم، وهذا وضع مستحيل، لأن انخفاض التضخم يعني انخفاض الأسعار فكيف ترتفع الأسعار في ظل تضخم منخفض؟.
ويقول عنوان آخر : انخفاض التضخم في آب. ويبدو أن المحرر توقف عند اعتبار متوسط الأرقام القياسية للثمانية أشهر الأولى من السنة يقل عن متوسط الأرقام القياسية للأشهر الثمانية الأولى من السنة الماضية بنسبة 4ر0%، أو لكون الرقم القياسي في آب يقل عما كان عليه في نفس الشهر من العام الماضي، في حين أن العنوان الصحيح يجب أن يقول أن التضخم (ارتفع) في آب بنسبة 21ر2% ولكنه ظل دون مستواه في نفس الشهر من العام الماضي. أي أن ما حصل في آب بالذات هو ارتفاع وليس انخفاضا بعكس ما يقول العنوان.
ويقول عنوان ثالث أن الفاتورة النفطية للمملكة تراجعت بنسبة 6ر55% في الشهور السبعة الأولى من السنة، والصحيح أن كلفة البترول الخام هي التي تراجعت بهذا المقدار، أما الفاتورة النفطية التي لا يشكل البترول الخام أكثر من 65% من قيمتها فقد انخفضت بنسبة 7ر47% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، حيث أن انخفاض كلفة المشتقات النفطية اقتصر على 22%.
من ناحية أخرى فإن المحرر يسمح أحيانا بعناوين متناقضة في نفس العدد فيقول: انخفاض الاستثمارات الواردة بنسبة 76%. وفي مكان آخر من نفس العدد: ارتفاع الاستثمارات المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار بنسبة 5ر10%. وتقول صحيفة أخرى: تراجع النشاط العقاري بنسبة 39% في ستة أشهر. وفي نفس العدد: نمو نشاط البناء بنسبة 17% في سبعة أشهر. وهكذا.
إما أن المحرر لم يقرأ الخبر بإمعان، أو أنه أساء فهمه، أو أنه قصد إعطاء القارئ انطباعا معينا خدمة لأجندة خاصة مثل انتقاد الحكومة أو الدفاع عنها.