تعاقب الليل والنهار فـي بيت لحم

خبر يحمل من الدلالات الكثير اذ قالت وكالة معا للانباء الفلسطينية المقربة من حركة فتح ان وفدا أمنيا اسرائيليا أجرى جولة في محافظة بيت لحم برفقة قوات من الامن الوطني الفلسطيني .
الجنرال الاسرائيلي افي مزراحي هو الذي طلب اجراء الجولة تحت حجة انه يريد ان يطلع على الاماكن التي تنوي اسرائيل تسليم مهامها الامنية للسلطة حيث تجيء هذه الجولة ''الاخوية'' بعد ان تسلم مزراحي مهامه الجديدة مسؤولا عن الأمن في الضفة الغربية كقائد لقوات الاحتلال.
ومما اشاع اجواء من الطمأنينة لدى السكان ان محافظ بيت لحم الوزير عبد الفتاح حمايل علق على الزيارة بالقول إنه لقاء تقليدي رافضا اعطاء مزيد من الايضاحات.
الضيف حملته سيارات همر عسكرية جابت المدينة طولا وعرضا برفقة قوات فلسطينية تدربت جيدا ضمن خطة دايتون لبناء قوة امن فلسطينية محترفة ومهنية غير مرتبطة بأي تنظيم .
سيارات الهمر الاسرائيلية ذاتها التي اتت حاملة ضيوف اول النهار هي التي استباحت نفس المدينة ''بيت لحم'' بحجة البحث عن مطلوبين بصورة ادخلت الرعب في نفوس اهل المدينة في المساء وكأن زيارة الظهيرة ليس اكثر من بروفة لما تنوي عمله في المساء.
بالطبع هي وقاحة اسرائيلية غير مسبوقة في تاريخ الاحتلالات لكنها وقاحة ظريفة لأنها تزور الضحايا في النهار لتستبيحهم في المساء دون ان يرف لها جفن وتوجه اهانة لكل من ينتهج المفاوضات وسيلة وحيدة لاستعادة الحقوق.
اذا كانت اسرائيل وقواتها تفعل ذلك في المناطق التي تسيطر عليها السلطة التي ترفع شعار ''الحياة مفاوضات'' ولا ترى خيارا اخر غير المفاوضات للوصول الى الحقوق فأي حقوق يمكن ان يجري تحصيلها من شريك بهذه الوقاحة والى متى تستطيع السلطة الوطنية ان تقنع شعبها بانها ''ضرورة'' تاريخية لاقامة الدولة الفلسطينية في المقابل فان اسرائيل تفكر الف مرة قبل ان تتحذ قرارا بدخول منطقة خلاء في غزة لانها تعلم علم اليقين أن اجراء كهذا يصل في خطورته الى ما يشبه اعلان الحرب وهي مكلفة بالضرورة.
لا اصدقاء للفلسطينيين في الحكومة الاسرائيلية لكن هناك الكثير من اصدقاء لاسرائيل في صفوف السلطة الفلسطينية انها مفارقة مذهلة يختزلها تعاقب الليل والنهار في بيت لحم.