ضمير إنساني .. من يحركه؟

قدم السيد طيب رجب اردوغان مرافعة معمقة ومؤثرة وموثقة في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة ، حول الارهاب الذي تمارسه اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة واستذكر بشكل خاص «محرقة غزة» ونفاق المجتمع الدولي وانحيازه ورضوخه لاسرائيل التي تحول دون تنفيذ المشروع العالمي لاعادة اعمار غزة.. الخ.
والى جانب اردوغان فإن كافة الدول العربية والاسلامية قد اطلقت صرخات تستنكر الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني وتجويعه ومحاولات تركيعه وانكار حقوقه ، ولم تقتصر هذه الصرخات على البلدان العربية والاسلامية فغالبية دول العالم أشارت الى مأساة الشعب الفلسطيني وتفويض شرعية الامم المتحدة عبر التواطؤ مع اسرائيل لتصبح فوق الامم المتحدة والشرعية الدولية».
بنفس المعنى تحدث اول امس القاضي الجنوب افريقي من اصل يهودي ريتشارد غولدستون عن تقديمه لتقريره امام مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة وقال بصراحة ان سبب التمادي في الجرائم ضد الانسانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة تشجع عليه «ثقافة الافلات من العقاب»
ما يتوقعه غولدستون واللجنة التي يرأسها ان ترفع لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة هذا التقرير الى مجلس الأمن الذي كلف هذه اللجنة باجراء تحقيق بالانتهاكات الرهيبة التي حدثت في الاراضي الفلسطينية وتحديدا محرقة غزة كما أوصى ان يحال هذا التقرير الى المحكمة الجنائية الدولية لاستصدار قرار بشأنه وسواء اتخذ مجلس الأمن قرارا سياسيا بمعاقبة اسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي وتفجير العنف في فلسطين والمنطقة او اكتفى بانتظار ما تقرره المحكمة الجنائية الدولية ، فإن المتوقع ان تظل كل قرارات الامم المتحدة بالعشرات حبرا على ورق ، ولا تخفي اسرائيل انها تسخر من شرعية الامم المتحدة ومن القانون الدولي ، وفي مرات عديدة طردت اسرائيل ممثلي الامم المتحدة كما رفضت استقبال لجان تحقيق من الامم المتحدة على سبيل المثال لجنة التحقيق في مجزرة مخيم جنين حيث رفضت دخول هذه اللجنة الاراضي الفلسطينية المحتلة واسرائيل.
المعروف ان غولدستون الجنوب افريقي هو من المؤمنين باسرائيل والداعمين لها وهو رئيس جمعية اصدقاء الجامعة العبرية بالقدس في جنوب افريقيا لكنه من الاشخاص الذين يتميزون بمهنية قضائية عالية المستوى الدولي فقد كان المدعي العام الرئيس في المحكمة الدولية في جرائم يوغسلافيا وكذلك في راوندا كما كان رئيس لجنة التحقيق في كوسفو ، وكان المحقق الرئيس في برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي وفي كل المرات كان يُشهد له بالنزاهة والتجرد ولو ان ابنته التي تعيش في اسرائيل قالت ان والدها عمل على التخفيف من حدة الاتهامات الموثقة بحقائق دامغة ضد اسرائيل في محرقة غزة ، كما انه اقنع اعضاء اللجنة بالمساواة بين الضحية والجلاد ، وحاول تضخيم النتائج التي ترتبت على اطلاق صواريخ من غزة على بعض المستعمرات.. الخ.
تقرير غولدستون مهم كما شأن تقارير ممثلي لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة مهمة وتدين اسرائيل ادانة صارخة ، لكن كل تلك التقارير المعبرة عن الضمير الانساني ، لا تكتسب اهميتها الا بتحريك هذا الضمير وذلك بوجود من يقف خلفه ويتابعه ويفرض تطبيقه ، وما دامت الامة العربية والاسلامية تأخذ دور المتفرج وليس لها وزن ولا تأثير على الساحة الدولية فإن اسرائيل التي تعتبر نفسها فوق الجميع وفوق الشرعية والقانون الدولي ستظل تدوس كل قرارات ليس لها اهل او اهل لا حول ولا قوة لهم،،