رفقا بسمعة البلد يا وزارة العدل

تم نشره الثلاثاء 13 تشرين الأوّل / أكتوبر 2009 02:30 صباحاً
رفقا بسمعة البلد يا وزارة العدل
المحامي محمد الصبيحي

في تصريح لوزير العدل في الرأي أمس قال (ان الاتجار بالبشر ليس ظاهرة في الأردن ولذلك جاءت تسمية القانون الخاص بهذا الموضوع بـ قانون منع الاتجار بالبشر بهدف منع جريمة الاتجار بالبشر قبل وقوعها.) والحقيقة أن الصواب جانب الوزير في هذا القول، فليس صحيحا أن الاسم (منع الاتجار بالبشر) يعني منع الجريمة قبل وقوعها، ذلك أن رجال القانون يعرفون القاعدة القانونية والفقهية التي تقول (الأصل في الأمور الاباحة) ولذلك حين يأتي القانون ليمنع الاتجار بالبشر فكأنما كان الاتجار بالبشر مسموحا فجاء القانون ليمنعه، ومن ذلك تحريم الخمر في الاسلام فقد جاء طارئا على الاباحة، ويقابل ذلك في القانون الجنائي الأردني المبدأ المعروف (لا جريمة ولا عقاب الا بنص)، ومن هنا فان أسم القانون (منع الاتجار بالبشر) الحق أذى بسمعة الأردن لدلالته على فعل كان مباحا فجاء القانون لتحريمه، وهذا غير صحيح من الناحية القانونية والعملية، لأن الاتجار بالبشر كان مسموحا به في المملكة ودول أخرى في المنطقة قبل عام 1927، الى أن جاء قانون وحرمه وهو (قانون أبطال الرق لعام 1929) الذي وقعه أمير البلاد عبد الله الأول وسرى مفعوله بتاريخ 16/2/1929 وما زال هذا القانون نافذا ولم يلتفت واضعو القانون الجديد لإلغائه ما داموا يشرعون لقانون جديد حديث، ولو أن وزارة العدل ألتفتت قليلا لمصلحة وسمعة البلد لقالت للمنظمات الدولية بالصوت المرتفع أننا في الأردن أول دولة في المنطقة شرعت قانونا لمنع الاتجار بالبشر عام 1929 وكل ما يلزمنا الآن أجراء بعض التعديلات العصرية عليه ليشمل جرائم مستحدثة. فقد كان سمو الأمير المؤسس رحمه الله واعيا لنظرة الإسلام ومغازيه من تجفيف منابع الرق ومؤسسا لدولة عصرية تبدأ تشريعاتها باحترام كرامة الإنسان وحقوقه فسارع إلى الأمر بإصدار قانون أبطال الرق وتجريم أي استغلال للإنسان والاتجار به. ولكن يبدو أن التاريخ التشريعي لم يصل بعد الى ذاكرة وزارة العدل التي تضع مشاريع القوانين حسب متطلبات المنظمات الأجنبية دون مشورة رجال القضاء العاملين في الميدان المخالطين للمجتمع بكافة شرائحه ويتعاملون مع الجرائم والمجرمين بتفاصيل التفاصيل والظروف المحيطة، ويبدو أن المهم أن نقول لوسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان الأجنبية (التي تهاجمها التصريحات الحكومية عند صدور تقاريرها كل عام) أننا انجزنا قانون كذا وقانون كذا فكيف الرضى علينا؟؟ وبما أن الشيء بالشيء يذكر فان القانون المشهور المسمى (قانون منع الجرائم) يحظى أيضا باسم خاطىء فالجرائم ليست مباحة حتى يأتي قانون ليمنعها، وكان الاصوب أن يسمى (قانون الوقاية من الجريمة)، وللعلم أيضا فان تصريحات أخرى لوزير العدل حول التعديلات القانونية التي (تحد من صلاحيات المدعي العام في التوقيف) أساءت لرجال القضاء لأنها توحي أن المدعين العامين يتعسفون في توقيف المواطنين، أو أنهم غير أكفياء لتقدير ظروف التوقيف وظروف الاخلاء، في حين أن الحقيقة أن قرارات التوقيف الصادرة عن جميع المدعين العامين في المملكة أقل عددا من قرارات التوقيف الصادرة عن محافظ العاصمة وحده، واذا كانت وزارة العدل تريد المباهاة بتشريعات هي نسخة عن التشريعات الأمريكية فإنني أقول لمعالي الوزير نعم لقد قيدنا صلاحيات المدعي العام بالتوقيف ولكننا أطلقنا صلاحيات الحكام الإداريين فيها، وبصراحة فان هذه الوزارة تتجه نحو تقييد النيابة العامة لصالح الحكام الإداريين، وهذا أضعاف لسلطة القضاء وإخلال بالدستور.

أما ما يدور في أروقة الوزارة من تفكير بمشروع قانون معدل على قانون استقلال القضاء يعيد سلطة الوزير بالتنسيب باحالة القضاة على التقاعد فله حيث أخر في وقت آخر.


المحامي محمد الصبيحي


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات