حماس .. هواجس المصالحة

التوقيع على الورقة المصرية لا يعني نهاية المطاف والاتفاق لن يصمد طويلاً

17/10/2009

يمكن لحركة حماس الان ان تقفز عما بات يعرف بفضيحة غولدستون بعد التصويت عليه من جديد في مجلس حقوق الانسان. فالموقف الذي اتخذته السلطة الفلسطينية من التقرير عند طرحه للتصويت اول مرة عزز هواجس وشكوك حركة حماس من نوايا الشريك الاساسي في المصالحة.

فتح وقعت على الورقة المصرية بينما طلبت حماس مهلة لعدة ايام لان لديها ملاحظات على الورقة الجديدة. وحسب تعبير قيادي بارز في حماس هناك »صياغات ملتبسة« تحتاج الى مناقشة ومعالجة مع الجانب المصري. سلسلة من الاتصالات الهاتفية جرت الخميس الماضي بين قادة حماس في دمشق ومساعدي مدير المخابرات المصرية عمر سليمان. الطرف المصري كان يضغط من اجل انتزاع توقيع حماس فورا. لكن احد قادة الحركة ابلغ المصريين بان المهلة المتاحة تنتهي في العشرين من الشهر وليس الخامس عشر كما اشيع وان هناك ملاحظات على الورقة سيحملها عضو المكتب السياسي موسى ابو مرزوق الى القاهرة وبعدها سيتضح موقف حماس النهائي.

تؤكد حركة حماس, وعلى لسان قادة بارزين, انها تدفع بقوة من اجل المصالحة, ومجلس شورى الحركة اتخذ قرارا واضحا بهذا الشأن من واجب المكتب السياسي تنفيذه وربما تشهد الايام المقبلة خطوه باتجاه التوقيع من طرف حماس.

لكن المصالحة تتعدى التوقيع على الورقة المصرية فالعلاقة بين الفصيلين الرئيسيين على الساحة الفلسطينية مسكونة بالشكوك والمخاوف والعداء ايضاً.

فتح تشكك بنوايا حماس قبل ان توقع وعبرت تصريحات القيادي في حركة فتح عزام الاحمد, عن ذلك بوضوح عندما قال للصحافيين ان رئيس دولة عربية نصح قادة حماس بالموافقة الشكلية على المصالحة.

حماس لديها سجل طويل من التجاوزات الفتحاوية يكفي هنا الاشارة الى حملة الاعتقالات والتنكيل بحق كوادر الحركة في الضفة الغربية وبناء قوة امنية » شرطة دايتون« هدفها الاول تصفية حركة حماس في الضفة الغربية وتدمير بنيتها المقاومة.

تعتقد حركة حماس ان كل ما تريده السلطة من المصالحة هو اعادة السيطرة على قطاع غزة واجراء انتخابات في الضفة والقطاع من دون اي ضمانات للنزاهة, ووسط اجواء من القمع الممنهج في الضفة الغربية الذي نجح وباعتراف قادة حماس في اضعاف قدرات الحركة في مدن الضفة الغربية.

وينقل مسؤولون في حركة حماس عن قادة في دول عربية معتدلة قولهم ان كوادر السلطة تخطط منذ الان لتزوير الانتخابات التشريعية في الضفة الغربية.

اكثر ما تخشاه حركة حماس ان ما فشل العدوان والحصار على غزة في تحقيقه ينفذ عبر بوابة المصالحة وتجريد حركة المقاومة لمشروع التسوية من ادواتها ونفوذها في الضفة والقطاع.

تدرك حماس ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيذهب الى انتخابات تشريعية ورئاسية مطلع العام المقبل في الضفة الغربية في حال فشلت المصالحة وهي تستعد لهذا الخيار بشكل جدي.

قادة حماس لا يكابرون, فهم يشعرون بالمأزق وثقل المسؤولية ولا يستبعدون انفجارا كبيرا للاوضاع في الضفة الغربية جراء القمع المستمر من طرف السلطة واسرائيل لقوى المقاومة. ويستشعر قادة حماس ايضا ان مسار التسوية الذي قامت على اساسه السلطة الفلسطينية مصيره الفشل بحكم المعطيات القائمة.

صوت قوي داخل حركة حماس يتساءل: »شو بدنا بالسلطة التعيسة كلها« ويضيف قَبلْنا دخول اللعبة السياسية لتحقيق هدفين. الاول محاولة انقاذ الشعب الفلسطيني من فساد السلطة واصلاح مؤسساتها من الداخل .والثاني: تحويلها الى سلطة مقاومة ونواة لدولة فلسطينية مستقلة, واذ بها تتحول الى »مخفر« متقدم ينوب عن اسرائيل في المهمات الامنية, واطار سياسي يكرس سلطة الحكم الذاتي ليس اكثر.

ربما توقع حماس على اتفاق المصالحة مثل فتح لكن المشروعين سيفترقان على الارض بعد حين.

حماس تتجه الى صياغة مقاربة جديدة للصراع وفتح صاغت مقاربتها منذ زمن وهي ماضية في طريق التسوية.0