تسعير سياسي أم اقتصادي

جاء قرار الحكومة بإعادة تسعير المشتقات النفطية ليخفض الأسعار بحوالي 2% في الوقت الذي كان سعر البترول العالمي يرتفع بنسبة 5% ، فما تفسير ذلك؟ وهل كانت الاعتبارات السياسية أم الاقتصادية خلف القرار.
من الطبيعي أن نرحب مع جمهور المستهلكين بقرار التخفيض ولو كان طفيفا ، ليس فقط لأنه يجيء بعد ثلاثة قرارات متوالية بزيادة الأسعار، بل أيضا لأنه جاء في الوقت الذي كانت التوقعات تدور حول نسبة الزيادة في الأسعار هذه المرة ، خاصة وقد لامس السعر العالمي للبرميل 78 دولارا، لأول مرة هذه السنة.
نفهـم أن الأسعار المعلنة للمشـتقات النفطية لا تتوقف على سعر البترول الخام وحده، فالأسعار العالمية للمشتقات تتأثر بعوامل كثيرة كالنقل والضرائب وتكاليف التكرير والمواسم ومدى قـدرة المصافي على إنتاج الكميات المطلوبة إلى آخره، كما تختلف من بلد إلى آخر، وإن ظل البترول الخام هو العنصر الرئيسي، لأنه يشـكل 61% من الكلفة الكلية. وفيما يتعلق بالأردن بالذات تصل حصة المشـتقات النفطية المستوردة إلى حوالي 5ر38% من فاتورة البترول الكلية.
ليست هذه مطالبة برفع الأسعار، خاصة وأن الرفع لن يذهب إلى الخزينة كإيرادات عامة، بل لأرباح المصفاة التي لا نسمع لها صوتا فيما يتعلق بعملية التسعير الشهرية ،فهي لا تؤيد ولا تعترض بل تنفذ بصمت.
يبـدو واضحا أن رضى المصفاة عن أسـلوب التسعير هو الذي يفسر صمتها، فلو كانت الأسعار المعلنة تقل عن الكلفـة أو تؤدي لتقليل هامش الربح لكنـا قد سمعنا صوتها عاليا، حتى ولو كانت مشغولة بطبخة عطاء التوسعة وتداعياتها.
تصمت المصفاة لأن الحكومة ما زالت تسمح لها عمليا بممارسة حقوق الامتياز واحتكار السوق بعد إنتهاء الامتياز، فالمفروض أن يفتح باب الاستيراد لجميع المشتقات النفطية وأن يكون على المصفاة أن تنافس في سوق حرة.
في حالتي التسعير الشهري والتوسعة القادمة، هناك مكان للمزيد من الشفافية ، فما هي مصادر الأسعار العالمية التي تأخذ بها اللجنة الحكومية، ولماذا لا تأخذ الحكومة دورا أكبر في المسـار الذي يجب أن تأخذه عملية التوسـعة التي تعتمد أساسا على تجديـد الامتياز، وجلاء علامات الاسـتفهام والتعجب التي تحيط بأكبر مشروع مؤثر.