الصيف والشتاء على السطح الواحد!

حكومة طهران تستطيع ان تتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان بانها وراء الجماعات الارهابية التي قتلت 49 ضابطا كبيرا في الحرس الثوري، وتستطيع في الوقت ذاته الدخول في مفاوضات فيينا مع اميركا وبريطانيا بشأن التسلح النووي.. دون ان تجد في ذلك حرجا اخلاقيا او سياسيا او منطقيا!.
تماما، كما يستطيع نتنياهو ان يقبل حل الدولتين، وانبثاق دولة فلسطين من واقع الاحتلال، وان يستمر في الوقت ذاته في استيطان ارض اسرائيل ، واعتبار القدس عاصمة اليهود في دولة اليهود، والكلام الكثير عن دولة دون حدود نهائية.. وكل التناقضات اللااخلاقية، اللاسياسية اللامنطقية في التعامل مع هذا المزاد الكلامي!.
لقد تعلمنا من الدول التي تزعم انها دول تقوم على الرابطة الدينية او المذهبية، وتحول هذه الرابطة الى صيغة قومية مدنية، انها دول لا تقبل القوانين والاعراف الدولية، ولا تقبل العلاقات الطبيعية مع الآخرين، ولا تلزم نفسها بالمواثيق الدولية، او الاخلاقية او السياسية، على اعتبار ان هناك قوى دولية قارفت الاستعمار والهيمنة، وشنت الحروب، وتجاوزت القانون الدولي.. وكان ذلك يشكل مبررا لهذه الكيانات الدينية والمذهبية ان تحتل، وتنهب، وتستوطن وتقتل وتهجر وتحاصر.. وتفعل كل ما فعلته قوى الاستعمار القديم والحديث..
ان اقتسام العراق مع قوى الاحتلال الاميركي والبريطاني، او مساومة الاميركيين على لبنان، او تشجيع جماعات حماس على انشاء امارة اسلامية في غزة، وقبول كل اعباء المعاناة الانسانية للفلسطينيين المحاصرين، او الافادة من العراقيين الذين فقدوا سيادة دولتهم وكيانهم الوطني، والمساومة على دولة اللبنانيين وتسجيل نقاط على حسابهم في المساومة مع اميركا هي حالة يمكن قبولها من معرفة السلوكية الصهيونية اللااخلاقية ولكن كيف يمكن قبولها من دولة تدعي انها تمثل الاسلام ورسالته وقيمه وكراماته؟؟.
لقد اصيب ملايين العرب بالصدمة، لدى رؤيتهم اقطاب المعارضة العراقية الذين اتخذوا من طهران قاعدة لهم، وجعلوا من اميركا حليفهم ضد حكومة بغداد.. ثم بعد ذلك دخولهم مؤسسات حكم بريمر، وتبريرهم للاحتلال، وحل الجيش العراقي، والأمن، والقضاء وكل ما تعنيه دولة العراق وتاريخها، ووحدتها الانسانية فإلى أي مدى يستطيع ملالي النظام الايراني قبول كل ما يجري في العراق منذ عام 2003، ويتصالح مع ما يجري.. دون ان يقدم لملايين المسلمين تفسيرا واحدا.. يدل على ان شعار الموت لأميركا هو اكثر من صيحة مظاهرة في شارع خيابان في العاصمة طهران!!.