تلبيــــــس طواقـــــي

في زمن ما كانت الأمهات مثل الحكومات ، يضعن سياسات انفاق وموازنات تقديرية، ويحتفظن بمخزون استراتيجي..من الكاز، والقمح، والأرز، والطحين ، والزيت..ويقمن بصيانة دورية للمرافق الحيوية والبنية التحتية للبيت الطيني مع كل موسم ، مثلا فقد كن يسلكن المزاريب قبل الشتاء، والتأكد من سلامة سطوح البيوت، وإخراج البواري من مخابئها وتنظيفها من العناكب التي سكنتها سنة كاملة دون استئذان أو اجار أو ''خلو رجل''..و يقمن ايضا بالتأكد من ''فتايل'' الصوبات وقصقصة المحروق منها بترو وتمهل وحكمة...وجعلها في جاهزية عالية..
واحدة من اهم اجراءات استقبال الشتاء التي كنا ننتظرها بفارغ الصبر، فتح الخزائن المنتفخة ''ببقج'' الملابس الشتوية القديمة..حيث يتم ''تطويب'' ''الستر والبلايز'' من الأكبر الى الأصغر عن طيب خاطر وتراض..فتتم جميع عمليات ''الطابو'' بأمر الوالدة وبمباركة الحضور..هاظ ''الكبوت'' صغر على فلان البسه يا فلان...وهذه ''الكنزه'' صغرت على فلان ..البسها يا فلان..وفي الآخر يتم ''تنفيع'' الخاسر الأكبر اما بقطعه جديدة أو بشيء مما عافه الأخ الأكبر أو الوالد، طاقية فلان فليلبسها فلان.وطاقية فلان ،خذها يا فلان..وهذه ''اللفحة'' يستحقها فلان..في النهاية يخرج الجميع بغنائم متساوية وجديدة نوعا ما بالنسبة الى رصيد الملابس...وهنا لا بد من الاعتراف انني كنت امارس بعض الخبث احيانا ''فأشرق بطني'' واحني ظهري وأحاول كف ذراعي الى الوراء..كل هذا في سبيل عدم منح ''ابراهيم'' /اصغرنا كبوتي الأحمر...متظاهرا بان الكبوت الأحمر فضفاض ومقاسه مناسب جدا علي..
الأمهات حكومات حقيقية،لكن بفارق وحيد بينهما.. كل ذلك كان يتم دون كاميرات تصوير،أو تقارير اخبارية، أو برامج مخصصة، فقد كانت تدبر الأمور دون شوشرة ودون ان يتحمل الوالد أي مديونية جديدة..بصراحة اكثر ، كانت عملية ''تلبيس الطواقي'' تحل مشكلة..
ahmedalzoubi@hotmail.com