معارك زكريا محمد
تم نشره الخميس 29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2009 04:01 صباحاً

عريب الرنتاوي
يخوض الكاتب والشاعر الفلسطيني زكريا محمد معاركه دفاعا عن "المشروع الوطني والديمقراطي الفلسطيني" ، على عدة جبهات... فهو تصدى بحزم لتهافت السلطة وتهالكها زمن "الانسحاب المذل وأحادي الجانب" من معركة "تقرير غولدستون... وهو خاض ويخوض وبحزم كذلك ، معارك الدفاع عن "التعدد والتنوع السياسي والثقافي والفكري الفلسطيني" في مواجهة النزعات الطالبانية التي تميز بعض ممارسات حكومة حماس وسلوكياتها أجهزتها في قطاع غزة... وهو "فجّر" قنبلة مدوية ، ما زال صداها يتردد على هامش "مسرح القصبة" وزيارة هند صبري لرام الله ومشاركة يسري نصرالله الهاتفية في المهرجان ، حيث تصدى بصلابة ومنطق لمحاولات بعض "مثقفي المفاوضات حياة" حرف معركة المثقفين الفلسطينيين والعرب من معركة ضد الاحتلال وحصاراته المشددة والمذلة المضروبة على الفلسطينيين شعبا وثقافة ومثقفين ، إلى مواجهة مع المثقفين العرب الذين يرفضون التطبيع المموه بشعار "كسر الحصار" ، وقد بدا أن معركة زكريا محمد الأخيرة ، قد بدأت تعطي أكلها وتثير صدى فلسطينيا وعربيا واسع النطاق ، بل وتعيد طرح أسئلة "التطبيع الثقافي" من بدايتها.
آخر معارك زكريا محمد ، تلك التي دشنها بمقالة جريئة تناول فيها موقف السلطة من تقرير منظمة العفو الدولية عن حرب المياه و"التعطيش" الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، فهو وضع التقرير بما تضمنه من جرائم حرب ، إلى جانب "تقرير غولدستون" ، وحذر من مغبة أن تتعامل "سلطة المفاوضات حياة" مع هذا التقرير كما تعاملت مع تقرير غولدستون ، مذكرا بالحاجة لملاحقة الاحتلال ومطاردته في مختلف المحافل لضمان معاقبته على كل جريمة يقارفها أو عدوان يرتكبه ، إذ من دون ذلك لا قيمة للمفاوضات أبدا ، ولا مغزى لمقاومة الاحتلال.
من بين جيل من المثقفين اليسارين الفلسطينيين ، ثمة نخبة يمثلها زكريا محمد - ربما أفضل وأصدق تمثيلا - وهو وإن كان مقلا وموسميا في كتاباته ومعاركه السياسية ، إلا أنه في كل مرة يقرر فيها النزول إلى ميدان المواجهة والمقاومة ، يتكشف عن أصالة حقيقية ، ويبرهن على أنه لم يضيّع البوصلة مثل كثيرين من أبناء هذه المدرسة ، الذين إما أن تحولوا إلى موظفين لدى السلطة والحكومة وناطقين باسمها ، أو متفرجين يرقبون المشهد من على مقاعد النظّارة ، أو مهجوسين بـ"الخطر الأصولي الأخضر" ، وبصورة تعميهم عن السهر على مشروعهم الوطني ، وتجعل منهم أيتاما على موائد "التنسيق الأمني والمفاوضات حياة" ، أو منافحين عن "الإصولية الإسلامية" ومتدثرين بعباءاتها أو بالأحرى بـ"دشاديشها القصيرة" ، تحت عنوان المقاومة وبذريعتها ، لكأنهم لم ينتموا لمدرسة ماركس - إنجلز - لينين يوما.
أحسب أنه لم يخطر ببال زكريا محمد ، ما خطر ببال بعض مجادلينا من مدرسة "اليسارين السابقين" ذاتها ، أنه بتوجيهه سهام النقد اللاذع لأداء السلطة زمن "غولدستون" و"أمنستي" "والقصبة" ، سوف يحتسب على حماس أو يصب القمع صافيا في طاحونة إماراتها الغزيّة ، وإلا لخضع لهذا الابتزاز الذي يراد لنا أن نخضع لمثله ، ولكان انزوى في بيته ومحترفه ، أو لجأ إلى أهون الشرور: شتم حماس في ذيل كل مقالة يكتبها في نقد أداء السلطة وممارساتها ، أو الاكتفاء بأنصاف الجمل والمواقف... لكنه لم يفعل ذلك ، وآثر الدخول في معارك مواجهة مع كل ما يمس المشروع الفلسطيني في بعديه الوطني والديمقراطي على حد سواء ، ومن موقع الإدراك العميق بأن الظفر بالمعركة الديقراطية متعذر من دون الظفر بالمعركة الوطنية ضد الاحتلال ، وأن الظفر بالمعركتين معا ، غير ممكن من دون فتح جبهات المقاومة والانتفاضة في شتى ميادين الفن والمسرح والثقافة والسياسة والدبلوماسية والقانون على حد سواء ، تحية لزكريا محمد ولزملائه من اليساريين الفلسطينيين الذين لم يطلقوا عقولهم ، وظلّوا على بعض الوفاء لتجربة تفوق مزاياها عيوبها؟،
آخر معارك زكريا محمد ، تلك التي دشنها بمقالة جريئة تناول فيها موقف السلطة من تقرير منظمة العفو الدولية عن حرب المياه و"التعطيش" الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، فهو وضع التقرير بما تضمنه من جرائم حرب ، إلى جانب "تقرير غولدستون" ، وحذر من مغبة أن تتعامل "سلطة المفاوضات حياة" مع هذا التقرير كما تعاملت مع تقرير غولدستون ، مذكرا بالحاجة لملاحقة الاحتلال ومطاردته في مختلف المحافل لضمان معاقبته على كل جريمة يقارفها أو عدوان يرتكبه ، إذ من دون ذلك لا قيمة للمفاوضات أبدا ، ولا مغزى لمقاومة الاحتلال.
من بين جيل من المثقفين اليسارين الفلسطينيين ، ثمة نخبة يمثلها زكريا محمد - ربما أفضل وأصدق تمثيلا - وهو وإن كان مقلا وموسميا في كتاباته ومعاركه السياسية ، إلا أنه في كل مرة يقرر فيها النزول إلى ميدان المواجهة والمقاومة ، يتكشف عن أصالة حقيقية ، ويبرهن على أنه لم يضيّع البوصلة مثل كثيرين من أبناء هذه المدرسة ، الذين إما أن تحولوا إلى موظفين لدى السلطة والحكومة وناطقين باسمها ، أو متفرجين يرقبون المشهد من على مقاعد النظّارة ، أو مهجوسين بـ"الخطر الأصولي الأخضر" ، وبصورة تعميهم عن السهر على مشروعهم الوطني ، وتجعل منهم أيتاما على موائد "التنسيق الأمني والمفاوضات حياة" ، أو منافحين عن "الإصولية الإسلامية" ومتدثرين بعباءاتها أو بالأحرى بـ"دشاديشها القصيرة" ، تحت عنوان المقاومة وبذريعتها ، لكأنهم لم ينتموا لمدرسة ماركس - إنجلز - لينين يوما.
أحسب أنه لم يخطر ببال زكريا محمد ، ما خطر ببال بعض مجادلينا من مدرسة "اليسارين السابقين" ذاتها ، أنه بتوجيهه سهام النقد اللاذع لأداء السلطة زمن "غولدستون" و"أمنستي" "والقصبة" ، سوف يحتسب على حماس أو يصب القمع صافيا في طاحونة إماراتها الغزيّة ، وإلا لخضع لهذا الابتزاز الذي يراد لنا أن نخضع لمثله ، ولكان انزوى في بيته ومحترفه ، أو لجأ إلى أهون الشرور: شتم حماس في ذيل كل مقالة يكتبها في نقد أداء السلطة وممارساتها ، أو الاكتفاء بأنصاف الجمل والمواقف... لكنه لم يفعل ذلك ، وآثر الدخول في معارك مواجهة مع كل ما يمس المشروع الفلسطيني في بعديه الوطني والديمقراطي على حد سواء ، ومن موقع الإدراك العميق بأن الظفر بالمعركة الديقراطية متعذر من دون الظفر بالمعركة الوطنية ضد الاحتلال ، وأن الظفر بالمعركتين معا ، غير ممكن من دون فتح جبهات المقاومة والانتفاضة في شتى ميادين الفن والمسرح والثقافة والسياسة والدبلوماسية والقانون على حد سواء ، تحية لزكريا محمد ولزملائه من اليساريين الفلسطينيين الذين لم يطلقوا عقولهم ، وظلّوا على بعض الوفاء لتجربة تفوق مزاياها عيوبها؟،