جيوب النواب والحزبيين

تتلكأ الاحزاب في دورها في تفعيل الحياة الحزبية ، فهي احزاب رضيت ان تكون للعدد الاقل من المؤسسين ، ولو سألت قيادات حزبية كبيرة لكشف السر لك ، فالاستقطاب الحزبي غير مرغوب من جانب ذات الحزب ، حتى تبقى السيطرة لقيادات محددة ، ولا يتم جلب اسماء واعضاء ، قد ينقلبون على معادلات امست واقعا داخل كثير من الاحزاب.
الاحزاب تتهم الحكومات المتعاقبة بعرقلتها للعمل الحزبي ، واتهام الحكومات موضة حزبية ، لان عقلية الاحزاب لدينا تقوم على اساس ارث كبير يقول ان الحزب الجيد هو من يهاجم الاخرين في السلطة ، لكنك تستغرب هذا الانفصام حين ترى الاحزاب تقبض مالا من الحكومة ومن خزينة الدولة ، على مدى العامين الفائتين ، تقبض مالا هو مال الاردنيين الفقراء ، ومال الطلبة ، ومال المرضى ، وتصدر به بيانات تطالب فيه الحكومات برحمة الشعب ، وعدم رفع الاسعار ، وتندد بالغلاء ، واشكال الغلاء ، وقد كنت اتمنى ان لا تقبض الاحزاب مالا من جهة يفترض ان تراقبها وتنتقدها ، اي منطق هذا يجيز تمويل الاحزاب من الخزينة ، هو منطق غير معقول ابدا.
انها دعوة الى الاحزاب والى الحكومة لوقف تمويل الاحزاب ، في هذه الظروف السيئة التي يمر بها الاردن ، واذا كنا نطالب الحكومة بمراجعة كل سياساتها الاقتصادية من تشغيل اربعين الف سيارة حكومية على نفقة الشعب مرورا بسياسات اخرى ندفع ثمنها الان ، فنحن نطالب باعادة المبالغ التي يتم تمويل الاحزاب بها ، الى الخزينة وصرفها على قضايا اكثر الحاحا ، والحكومة التي لا تجد مالا لتغطية بنود الموازنة عليها ان تقف لحة وتسأل عن الاموال في مجلس النواب والاموال لدى الاحزاب ، والاموال في قطاعات كثيرة ، وعليها ان تصحح واقع المؤسسات المستقلة وشبه المستقلة التي باتت حكومة بحد ذاتها ، وان تراجع كل هذه الملفات ، دون خشية من احد ، وتضغط النفقات ، بدلا من مشينا على حبل مشدود ، في ظل المخاوف من المستقبل ومن استحقاقات الاعباء الاقتصادية.
"لا نتشاطر" على الاحزاب ، انما المفارقة ان الحكومة تمول حزبا لا يفعل شيئا بالمال ، وهو ينفق مال شعب على واجهة شخصية لذوات يصولون ويجولون على حسابنا ولا يريدون حتى اي تنمية سياسية ، لان التنمية السياسية والاستقطاب الحزبي قد لا يبقي زعيما حزبيا في مكانه ، وهي دعوة لمراجعة كل القطاعات ، بما في ذلك موازنة مجلس النواب والملايين التي يتم هدرها على رفاه النواب وسفرهم وبقية قضاياهم.
اسهل الحلول هو عصر المواطن واخذ مال اولاده ، وقد آن الاوان ان ننسى المواطن قليلا وان لا نجعله هدفا لسياسات الجباية ، وان نلجأ الى حلول اخرى ابرزها عشرات الموازنات الفرعية التي لا داعي لها ، او يمكن تخفيضها ، ضمن حدود.
الكل يأخذ من الشعب ، ولا احد يعطيه.
mtair@addustour.com.jo