أزمة القطاع العقاري

باعتبار أن سكان العاصمة عمان يناهزون مليوني نسمة ويعيشون في 400 ألف وحدة سكنية ، فإن حاجتهم للشقق السكنية لمواجهة النمو الطبيعي تتراوح حول 18 الف شقة سنويا أكثرها إن لم يكن كلها متوفرة وجاهزة حاليا.
في حالة كهذه من الصعوبة بمكان أن يحدث فائض خطير في الشقق السكنية في عمان لمدة طويلة ، فالنمو السكاني السريع كفيل باستيعابها.
هناك اعتقاد سائد بأن أسعار الشقق هبطت بنسبة 15% عن الأوج الذي كانت قد وصلت إليه في منتصف عام 2008 ، وقد حال عاملان دون الهبوط الشديد في الأسعار ، أولهما النمو الطبيعي للسكان ، والثاني استعداد البنوك لتمويل القروض السكنية بفوائد معقولة تتراوح حول 5ر8% سنويا تحسب على الرصيد المتناقص.
المشكلة تكمن في المباني التجارية المخصصة للمكاتب ، وفي هذا المجال يمكن القول بأن هناك فقاعة في حالة تهدد بالانفجار ، إذ أن الأبنية التجارية ذات الطوابق العديدة التي تكاد تصل إلى مرتبة ناطحات سحاب ، سواء كانت جاهزة أو تحت الإنشاء ، تكفي دوائر الأعمال ، تحت أحسن الظروف ، ولمدة عشر سنوات قادمة.
هذه الفقاعة لا تواجه أصحاب هذه الأبنية التجارية فقط ، بل تتجاوزهم إلى البنوك التي تمول هذه العمارات الفخمة والعالية التكاليف ، والتي تبقى فارغة ولا تولد دخلا يمكن أصحابها من تسديد أقساط قروضهم وفوائدها.
يجب أن ينظر إلى القطاع العقاري بعد الآن على أنه قطاعان مستقلان: واحد إسكاني لا يواجه مشكلة تستحق الذكر ، والثاني تجاري يمثل فقاعة مرشحة للانفجار في وجه أصحابها ومموليها.
لا يجوز التمادي في إنكار هذه المشكلة والاستمرار في تضخيمها بحيث تنفجر في وجه الاقتصاد الوطني وليس في وجه أصحابها ومموليها فقط.
ليس هناك شبه يذكر بين الأزمة العقارية عندنا التي تقع على هامش الاقتصاد الوطني ، وبين الأزمة العقارية في أميركا التي كانت الشرارة التي أشعلت الأزمة الاقتصادية وأدخلت الاقتصاد الأميركي في نفق طويل من الركود الاقتصادي والنمو السالب وفقدان ملايين الوظائف.
هذا التوصيف المبدئي تنقصه الأرقام الفعلية التي تحدد عدد المكاتب الفارغة ، وعدد المكاتب تحت الإنشاء ، وحاجة العاصمة للمكاتب خلال سنوات قليلة قادمة. والمأمول أن تقوم دائرة الإحصاءات العامة بهذا المسح حتى لا يظل المستثمر العقاري يتحسس طريقه في الظلام.