" مش عارف يتزوج"

أرقام تبعث على القلق تلك التي نقرأها بين الحين والآخر عن أعداد حالات الطلاق بأنواعه بما فيها الخلع. وهذا يدعونا للقول إن لدينا نسبا من شبابنا وبناتنا "مش عارفين يتزوجوا"، أي يفشلون في تكوين بيوت وأسر وتحقيق رسالة الزواج.
تقريرإحصائي صادر عن دائرة قاضي القضاة ونشرته الغد قبل أيام يتضمن أرقاما تستحق الدراسة والبحث عن حلول. وهذه الحلول ليست لدى جهة رسمية فقط بل لدينا جميعا في بيوتنا وثقافتنا وطريقتنا في إدارة علاقاتنا الاجتماعية وتنشئة الشباب والفتيات لحياة الزواج وبناء الاسرة.
ففي العام 2008 تم الفصل في 426 قضية خلع. واللافت ان معظم حالات الخلع تركزت في الفئة العمرية من 24 ـ 26 عاما، أما الطلاق فقد أوضح التقرير تسجيل ( 14347) حالة طلاق تراكمية في المملكة للعام 2008 توزعت على أنواع الطلاق البائن قبل الدخول والبينونة الصغرى والطلاق الرجعي.
لكن ما يلفت الانتباه ان من مارسوا الطلاق خلال العام الماضي كانوا في غالبيتهم العظمى من المتعلمين. وتقول الأرقام إن ما نسبته 98.7% هم من المتعلمين مقابل 1.3% من غير المتعلمين. وهذه النسبة تشي إلى مشكلة كبرى وهي الجرأة على الطلاق من قبل من يفترض نظريا أنهم اصحاب علم وثقافة وقدرة على أمرين أساسيين وهما؛ حسن الاختيار قبل الزواج والقدرة على التفكير وحسن التقدير عندما تحدث المشكلات في حياتهم ويملكون القدرة على التفاهم وإيجاد الحلول قبل الذهاب إلى الحل الأخير وهو الطلاق أيا ما كانت نسبته ومستواه من لفظ الكلمة حتى هدم البيت وعودة كل من الزوج والزوجة إلى بيته.
ساعود بكم إلى الرقم وهو حوالي ( 15) الف حالة طلاق في عام واحد مقابل حوالي ( 65) ألف حالة زواج. وعلينا أن نقارن بين الرقمين لنكتشف كم هي المشكلة، ولعلنا نحتاج إلى مزيد من المعلومات فيما إذا كان واء نسب الطلاق هذه أولاد سيضيع "دمهم" بين الآباء والأمهات والخلافات والمحاكم وتبادل الاتهامات بين الآباء والامهات وعائلاتهم، لأن الطلاق مشكلة لكن لو كان من نتائجه أطفال وهدم عائلات فإنه يتحول إلى كارثة اجتماعية.
نعلم جميعا أن الطلاق قد يكون أحيانا هو الحل الحقيقي لحياة زوجية؛ لكن هل يمكننا جميعا أن نصل إلى حالة لا يكون فيها الطلاق إلا في الحد الادنى، وهل يمكننا أن نذهب نحو حلول تجعل شبابنا وبناتنا يتقنون الزواج ويمارسونه بشكل سليم من أول ابتسامة واستلطاف وحتى حفل الزفاف بما في ذلك القضايا المالية وبناء علاقات اجتماعية بين عائلات وأفراد جدد، وهل يمكن أن نصل الى حلول وحالة وعي وثقافة تجعلنا جميعا نمارس الزواج كما هو رسالة وعمليات تواصل بين أجيال المجتمع؟
القضية معقدة وتختلط فيها عوامل عديدة من اقتصاد وثقافة ووعي وطرق اختيار الشاب او اختيار الفتاة، لكن هذه النسب تبعث على القلق بما لا يقل عن خطر حوادث السير والإدمان والإرهاب والفكر المتطرف وغيرها من الظواهر الخطرة على مستقبل المجتمع.