هذا ما قاله الشيخ .. ذات ليلة تهجديّة كاذبة..!!
في المجتمعات المتقدمة تقود الشعوب عبر مؤسساتها المدنية والحزبية عملية التغيير بشجاعة وموضوعية، من منطلق الاهتمام الذي توليه للشأن العام، وبدافع المسؤولية المجتمعية الملقاة على كاهلها، وهي تمارس حقاً جوهرياً من حقوقها المكفولة دستورياً وديمقراطياً، قد تخطيء وقد تصيب، لكنها أبداً لا تتوانى عن الاجتهاد من أجل النهوض بهذه المسؤولية، التي تستهدف تحقيق مصلحة عامة لمرفق عام قد يبدأ من إصلاح سياسي جوهري يمس إحدى سلطات الدولة، وقد ينتهي بمرفق خدمي صغير للغاية، وهي في جلّ هذه العملية تقدم إمكانات وتضحيات كبيرة، لتحقيق النجاح المأمول..
أما نحن، فماذا لدينا لإحداث التغيير، هل ثمة قدرة وقوة على تحمّل النتائج، وقبل ذلك هل ثمة رغبة كافية لتغيير حقيقي يأخذ بالاعتبار تشوّهات الواقع وإرهاصاته وتداعياته، من أجل حمل الأغلبية على البدء في تقبّل واقع جديد يراعي تحولات المجتمع والسلطة تدريجياً نحو المضمون والممارسة الحقيقية للحرية بمنأى عن تأثير القرار الفردي وسطوة التغيير الأحادي، وفي أحيان كثيرة الابتعاد عن الإذعان لصوت الغوغاء وضغوط العاطفة، وفي السياق ذاته نسأل: هل مؤسسات المجتمع المدني التي نعوّل عليها الكثير قادرة على قيادة دفة التغيير..!!
الشارع في حالة ضياع، ومؤسساتنا المدنية والحزبية لم تعد تعرف ما تريد، أما القلة القليلة التي تحاول أن تتصدر قيادة الرأي العام بممارسة التنوير، فلم تعد أنوارها كافية لتبديد ظلام المفسدين وجماعات الإفك والتضليل التي ما انفكت تقرأ من كتاب واحد، على يد شيخ واحد، كلما لقّنها حرفاً، هاجت وماجت وعاثت بين الخلق فساداً وإفساداً..!!
أليس في شراء الضمائر والذمم الذي تمارسه هذه الجماعات فساد كبير، وشر مستطير..!! والعجيب أن منْ يساعدها على هذه الممارسة منْ تلى كلمات الشيخ في ليلة تهجد طويلة كاذبة فسرى يعلن: هذه آخر الكلمات وذاكم آخر المطاف، وأن الحلّ في التغيير..!!
أي مفارقات عجيبة نعيشها اليوم، نردد أننا نسعى إلى الإصلاح، وفي الوقت ذاته نقطع الطريق أمام حركة التغيير الحقيقي، بدءاً من تدخلات بشعة لسن تشريعات عرجاء، مروراً بفرض آراء وقرارات قاطعة ترغم الناس على الإذعان، وانتهاءاً برفض نتاج بعض عمليات الإصلاح، وربما، وهنا تكمن الكارثة، إصدار بيانات تشجب هذه العمليات من أساسها..!!
لنتأمل بعيداً عن العاطفة، وأصوات الغوغاء، في هذا الذي يجري، ولنقرأ في كل البيانات التي أصدرناها ونصدرها.. هل ثمة ما تحقق..!!؟
لسن متشائماً.. ولا جاحداً.. لكن قصدت أن أسأل: لماذا كلما بنينا هرماً نسفناه، وكلما صنعنا صنماً عبدناه..!!!
اسألوا ذلك الشيخ فربما يسعفه تهجده في إطلاق إجابة ما، قد تكون كاذبة لكنها بالتأكيد ستكون شافية..!