حوارات مع الناتو

في شهر تشرين الثاني المنصرم, كنت بين مجموعة من الاعلاميين الاردنيين في زيارة لمقر حلف شمال الاطلسي في بروكسل, بدعوة منه للمشاركة في حوارات مفتوحة مع المسؤولين في الحلف, العسكريين والمدنيين, حول مختلف انشطته العسكرية والسياسية في العالم من افغانستان الى الحوار المتوسطي.
على مدى يومين من الحوار حول مختلف المواضيع كانت القضية الفلسطينية هي نقطة التباعد والخلاف بيننا وبين محاورينا. فهم يركزون على اهمية العلاقات بين دول الاتحاد الاوروبي وبين دول جنوب وشرق المتوسط قائلين بان الهدف المشترك هو الحفاظ على الاستقرار في المنطقة. بينما ركز الوفد الاعلامي الاردني في كل مرة على حقيقة ان لا استقرار ولا امن ولا سلام من دون حل قضية الشرق الاوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حلا عادلا.
كان من السهل علينا الاستنتاج بان الحلف يقف امام خط احمر كلما تعلق الامر باسرائيل واحتلالاتها. وكان مبرر كل من التقينا في عدم قيام دول الاتحاد باتخاذ قرارات وسياسات حاسمة ضد الاحتلال الاسرائيلي كما فعلت في البلقان والبوسنة وكوسوفو. ان »لا احد طلب منا التدخل«, وهي حجة لا وزن لها رغم معرفتهم بالاهمية المفصلية للسلام في الشرق الاوسط على العلاقات بين الغرب وبين الشرق (العربي - الاسلامي).
اهم ما اطلعنا عليه, ان الحلف يعكف الآن على وضع وثيقة جديدة سيعلنها في قمة لشبونة منتصف العام المقبل يغير فيها استراتيجيته التي وضعها عام ,1949 عام قيامه في بداية الحرب الباردة مع حلف وراسو والاتحاد السوفييتي السابق. يحدد فيها التحديات الجديدة التي تواجه اوروبا, وبالتأكيد, بعد سقوط حلف وارسو فان العلاقات مع الاسلام والمسلمين وجنوب المتوسط وشرقه ستكون على رأس قائمة الاستراتيجية الجديدة.
لقد سمعنا كثيرا من محاورينا في بروكسل عن الحوار المتوسطي, والحوار من اجل المتوسط. وميثاق لشبونه.. الخ. لكننا لا نعلم بعد, ان كانت الجامعة العربية او وزارات الخارجية في الدول العربية ستستغل الفترة الممتدة من الآن وحتى قمة لشبونه للحلف. من اجل فتح حوارات واسعة مع اللجنة المكلفة بوضع الاستراتيجية الجديدة للناتو. بما يؤثر على محتويات هذه الاستراتيجية لصالح قيام علاقات اوروبية - عربية متوازنة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
الخشية ان يستفيق العالم العربي والاسلامي في منتصف العام المقبل على استراتيجية جديدة للناتو. هدفها اقامة جدار جديد, مثل جدار برلين, بينهم وبين العرب والمسلمين. بما يدشن لحرب باردة وحروب ساخنة في المستقبل, المستفيد الوحيد منها اسرائيل واطماعها العدوانية المستمرة.
اخيرا, لا استطيع الحديث عن زيارة الوفد الاعلامي الاردني الى مقر الناتو من دون الاشارة الى ما ابداه مدير دائرة الازمات السياسية في الحلف, في الندوة قبل الاخيرة, من مغالطات واسلوب في الحوار بعيد عن الكياسة والسياسة معا. وذلك بما ابداه من غضب على تعقيب لي على ما حاول ترويجه من وقائع مغلوطة تتعلق بالوضع في افغانستان. زاعما انه لا توجد حرب في ذلك البلد. وان الوضع فيه مستقر.
مضيفا وسط انفعالاته. بان قصف قوات الناتو للمدنيين الافغان يتم لانهم مضطرون الى ذلك, (فماذا عليهم ان يفعلوا اذا اختبأ مقاتلو الطالبان بين المدنيين)؟!. وهو ما يخالف تصريحات قيادة الحلف بان قصف المدنيين يأتي عن طريق الخطأ.
رئيس قسم الازمات هذا, اثبت انه بارع في خلق الازمات, عدا انه يملك من الغرور ما يجعله يغرق بالوهم. بانه قادر ان يفرض على مستمعيه تقبل مغالطاته وكل ما يقوله من موقع القوة وكأنه يحاور الآخرين من خلف منصة صواريخ.