احذروا انفلونزا (الدراسات والاستطلاعات)

تم نشره الثلاثاء 08 كانون الأوّل / ديسمبر 2009 10:17 صباحاً
احذروا انفلونزا (الدراسات والاستطلاعات)
محمود ابراهيم الحويان

استوقفتني صبية في الصيف الماضي ، تقف امام احد مولات عمان الكبرى ، وقد حملت بين يديها ، رزمة من الورق ، وبدت مرتبكة وكأنها طالب دخل الامتحان دون تحضير ، ولم اعطها وقتا لتبلع ريقها ، فبادرتها انا بالسؤال ، نعم تفضلي؟.

 

استاذ أنا متطوعة من مركز كذا للدراسات ، ونحن مهتمون بوضع المرأة في الاردن ، ونرغب بطرح اسئلة على الجمهور ، وكانت تقرأ من ورقة ، مطبوعة ومسحوبة الاف المرات ، على الة تصوير قديمة.

 

اخرجت قلمها وقالت ، بداية اذا فاجأ الاردني زوجته ، في وضع مريب مع رجل اخر ، ما الذي يفعله ؟ حقيقة ، ضحكت بصوت عال ، وقلت لها ، هذا السؤال لو تطرحينه على ياباني ، او استرالي ، او امريكي ، او حتى على الجمل( ذكر الناقة) لحصلت على نفس الاجابة ، فلماذا الاردني بالذات؟.

 

المهم في الامر ، انني واحتراما لرغبة اطفالي ، الذين كانوا معي ، اختصرت عليها الحديث ، بأني مشغول واسرتي لا تعاني من العنف ، لا ضد المرأة ولا حتى ضد القطط ، وركبت سيارتي ، وانا افكر ، لماذا يستغلون المرأة ، من أجل المرأة ، بهذه الصورة القبيحة ؟.

 

استطلاع او دراسة (العلمية) اخرى ، على حد القائمين عليها ، والتي جاءت على خلفية العنف الطلابي ، في جامعاتنا ، وصلت بعبقريتها ، الى ان (التعصب القبلي) يشكل نسبة 91,9% عند الطلاب؟

 

الله اكبر ، وارجوا ان تلاحظوا معي كلمة (القبلي) ، بمعنى ان اغلبية الطلاب ينحدرون من قبائل ، تتصارع وتصنع العنف ، وتمتهنه بدل الدراسة في الجامعات ، وكانهم يريدون باستطلاعهم ان يقولوا لنا :إن القبيلة وباءّ خطيرّ ، ويجب محاربته ومقاومته بكل الوسائل ، اليس كذلك؟.

 

ان عدم الفهم لمعنى القبيلة او العشيرة ، جعلت البعض من قصار النظر ، يحيكون خيوطهم العنكبوتية ليل نهار ، لكي يخرجوها من الكوكب ، حتى انك وانت تسير في الشارع ، تقول: ما الذي اقترفه آدم عليه السلام من ذنب: ان يكون له كل هؤلاء الابناء؟ وحاشا لله ان يكون الامر كذلك.

 

يقول الله في كتابه العزيز: ( إنا خلقناكم شعوبا وقبائلَ لتعارفوا ان اكرمَكم عند الله اتقاكم) فاعجب لبعض الذين امتلأت قلوبهم على القبيلة ، حتى انهم يتمنـّون لو افاقوا ذات صباح ، فلا يجدون فردا ينتمي الى قبيلة ، فما ذنب الناس الذين جاءوا من بطون العرب ، ولهم جذور وانساب ؟ هل يريح البعض ان يخلعوهم من جذورهم ، ويلقوا بهم في عين الشمس؟

 

ان ما يجري على الساحة الاردنية ، من قبل البعض ، لهو عيب كبير ، ولا يمكن احتماله اكثر من ذلك ، فمن المهم جدا ان يبقى الاحترام بين الناس ، وان لا يسمحوا للاقزام في عقولهم ، ان يسيّروا الامور كما يريدون.

 

ليس بصحيح ابدا ، ان العصبية للقبلية هي السبب الرئيس في عنف جامعاتنا ، واسألوا الطلبة ، بل انها المراهقة وغزل البنات ، وشباب يبحث عن صداقات ، يدافع عنها ، فيشتعل الطرف الاخر ، وهكذا دواليك ، وهذا ليس مقتصر على ابناء القبائل بل ان اهل المدن لهم باع طويل بها كجزءمن البرستيج ، ولا هي في جامعاتنا الاردنية فقط ، فالمحيط العربي يزخر بها ، وحدّث ولا حرج وللاسف الشديد.

 

ثم انتقل للسبب الثاني ، الذي خرجت به تلك الدراسة العبقرية ، وكأنها اكتشفت كوكبا اخر لم يكن في المجرة ، لتقول لنا ، ان عدم الخوف من العقاب ، يحتل %85 من اسباب العنف ، وبما ان السبب الاول ، قد تم الصاق التهمة فيه لابناء القبائل ، فان السبب الثاني ، ينطبق عليهم بالتاكيد .

 

هنا يبرز الخبث ، الذي لا يراد له ان يبقى مختبئا ، وراء تلك الستارة السوداء ، فالمقصود هنا ان النسبة العظمى لا تخشى العقوبة والردع ، وانها فوق القانون ، بهذه البساطة ، ليتم الفرز بالنسبة (للدراسة) ، ان ابناء العشائر فوق القانون ، ولا يخافون احدا ، وهذا تجنّ اخر ، وظلم واضح لا يحتاج الى برهان.

 

في عام1973 قيل لكيسنجر ، ما الذي تريد ان تصل اليه الصهيونية العالمية ، في نهاية المطاف مع المسلمين والعرب؟ ، فاجاب: حتى تخرجهم من جلدهم كاملا فيتنكروا للاسلام والعروية .

 

الا يصب ما نراه اليوم من اتهامات ، تلقى جزافا على العرب والعروبة ، في خانة اعداء الامة؟ وعلى ايدي بعض ابنائها ، حتى غدونا جميعا ، في اخر العربة ، ولن يتوقف القطار ، حتى يُلقي بنا جميعا في صحراء الحياة ، بعد ان فعـّلنا القطرية وغرقنا في الاصول والمنابت ، واستشرى المرض بشكل مخيف.

 

دراسة اخرى تقول :إن نسبة المواطنين ، القادمين من المحافظات والالوية يوميا الى عمان ، للعمل ، لا يتجاوز 1% ؟ ، عجبي وهل وقف الذين اعدّوا الدراسة ، على مداخل عمان الاربعة ، طوال ايام الاسبوع ، ليعدّوهم بهذه الدقة؟ ام انه تنوير خفيّ وخطير ولا يصب في مصلحة الوطن ، له علاقة بالانتخابات القادمة ، والقانون الجديد؟.

 

وكأنهم يريدون ان يقولوا ، ان الاردن هي عمان ، ومن يدري ، ربما ذهبوا بعد اشهر بدراسة جديدة تقول ، دعونا نقسّم عمان ، ونفصـّلها حسب المنابت والاصول ، فنجعل حي للشاميين ، واخر للشركس ، وهذا لاهل نابلس ، والاخر لاهل غزة ، وهذا للحجازيين ، اما ابناء القبائل ، فلا مقام لهم بيننا ، هكذا بكل بساطة ، وهي طعنة في الصميم للوحدة الوطنية في هذا البلد الطيب وفتنة عظيمة.

 

لقد بدأت منذ فترة ، اشتمّ رائحة لم يتعوّد انفي عليها ، وأرى ممارسات ، لم تألفها عيوني ، واسمع دراسات ، لا يمكن ان تكون وطنية ، او لها أي انتماء للاردن ، لكني اجد نفسي ملزما ، ان اقول: إنه سقوط في الوحل ، وضياع وتضييّع لهذا الجيل ، بان ينشغل عن قضيته الاساس هناك على ارض فلسطين.

 

ان ما يقدّمه ممرض او طبيب اردني في مستشفى غزة5 ، وقد قضى العيد بعيدا عن اهله واطفاله ، لهو اعظم واكبر واثمن ، من هذا العبث ، الذي يطلق عليه البعض جزافا ، تسمية دراسات واستطلاعات ، الهاءً لطلابنا وابنائنا عن دراستهم.

 

لم اسمع عن اية دولة عربية ، او حتى شرق اوسطية ، فيها هذا الكم الهائل من المراكز ، التي تدار بأيدْ تغرف من بحر المنح ، التي تدفع بالدولار ، وبسخاء شديد ، وبعض مدرائها يتسامرون مع سفراء بعض الدول ، وهم يعرفون من اعني وبالاسماء ، والاماكن وارقام الطاولات.

 

المصيبة انه ليس من بين جامعاتنا ، جامعة تقدمت ببحث علمي مفيد للامة ، رغم هذه الاعراس التي تقام في صيف كل عام ، لدرجة ان احد الدبلوماسيين في عمان ، يقول :إنه يكره الصيف عندنا ، لانه مليء بالصخب والمواكب والالعاب النارية ، حتى انه يقول وهو يضحك: احس اننا بحاجة لقوات حفظ الطمأنينة.

 

بالمناسبة فان التقرير الاخير للامم المتحدة يقول: إن سريلانكا التي نستقدم منها الخادمات ، متقدمة على الجامعات العربية كلها ، بالابحاث العلمية ، وليس من بين خمسمئة جامعة في دولنا الاثنتين والعشرين ، قد حصلت على بحث علمي عالمي ، وقد اكد هذا الامر السيد عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية قبل فترة وجيزة وهو يجيب عن تقدم العالم وتأخر العرب.

 

مرض عضال وانفلونزا حادّة ، بدأت تغزو الشارع الاردني ، تخرج بدراسات ، اقلّ ما يقال عنها ، انها لا تريد خيرا لاحد ، الا لمروّجيها والقابضين ثمنها فقط ، وهناك دراسات اخرى ، عن العنف ضد المرأة ، والطفل ، وكأن الاردني ، يمسك عصاه او حزامه ، يوميا ، يركض خلف زوجته واطفاله.

 

الامور بحاجة الى ضبط وضبط سريع ، قبل ان يستفحل الامر ، ويخرج القطار عن السكة ، فهذا البلد بشعبه الواحد واسرته الكبيرة ، ونظامه المعتدل الوسطي الواعي ، الذي يحمل شرعية النبوة ، لا يحتمل هذا الصخب والضجيج ، الذي يأتي من بطون بعض الافاعي السامة ، التي تريد تدمير كل شيء جميل.

 

واني احمد الله ، ان في هذا الوطن الكثيرين ، الذين اخذوا تطعيما فعالا لمثل هذه الانواع من الانفلونزا ، لكن ما قلته هنا ، بحاجة ان يقال وبصوت مسموع ، لانه في ضمير الكثيرين من اهلي ابناء القبائل ، الذين اعتمرُ شماغَهم ، ويشرفني لبس عقالهم كما لبسه الحسين وابناء الحسين.

 

ويفرحني والله ، وانا ارى ( القلبك) على رأس اخي الشركسي ، وقد وضع (قامه) بحزامه ، وبنفس الروح افرح وانا ارى الكوفية الفلسطينية البيضاء ، التي لبسها المرحوم ابو عمار فلماذا يكره البعض لبس العباءة؟.

 

انها الفتنة من جديد ، وبثوب اسود ، لاننا رغم وأدنا لها منذ عقود ، وبعد ان اصبحت الناس اخوالا واعماما ، واختلطت العائلات بنسيج جميل ، فالكل مواطنون والقانون هو المظلة ، والنظام هو الراعي والحامي ، الا ان الخفافيش تأبى الا ان تخرّب.

 

ايها القوم ، عقود مرّت من التآخي ، والمحبة والمواطنة وبناء الدولة ، بفسيفسائية جميلة ، فالاردن للجميع والجميع من اجل الاردن ، لذا دعونا نعمل معا ، لنحافظ عليها ، ، من اجل ابنائنا واحفادنا ، فعلى هذه الارض عشنا ، ودفن فيها اجدادنا واجدادكم ، فلنبق على المحبة و التآخي ولنعلً البنيان .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات