المساعدة الأميركية في تعذيب الفلسطينيين ليست كافية!

ما نشرته صحيفة ذي غارديان البريطانية عن المساعدة في التعذيب التي يقدمها ضباط السي آي إيه للأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية يستدعي المطالبة بتعميم النفع فلسطينيا وعربيا. فلا يجوز أن تبقى غزة محرومة من تلك المساعدة. وحلفاء أميركا خارج فلسطين لا يجوز أن يقتصر تعذيبهم على البلدي لا المستورد من أميركا.
تقول صحيفة ذي غارديان البريطانية أن ضباط استخبارات فلسطينيين يقومون بالتنسيق عن قرب مع نظرائهم من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) بشأن اعتقال عناصر من أنصار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية والتحقيق معهم وتعذيبهم.
وأوضحت الصحيفة أن تقارير عدد من جماعات حقوق الإنسان رصدت ممارسات تعذيب للسجناء من أنصار حماس، ونسبت ذي غارديان إلى دبلوماسيين غربيين ومسؤولين آخرين في المنطقة قولهم إن وكالة "سي آي أي" تقوم بالإشراف على عمل جهازي الأمن الوقائي والاستخبارات الفلسطينيين التابعين للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس.
ومضت إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تعتبر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمثابة أجهزة تابعة لها، وأنها تعتبرها ذراعها الطويلة المتقدمة في الحرب على "الإرهاب". وبينما تنكر السلطة الفلسطينية والاستخبارات المركزية الأميركية أي سيطرة للوكالة على عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، تعترفان بوجود تنسيق مشترك بينهما في الضفة الغربية.
وأشارت ذي غارديان إلى أن من بين جماعات حقوق الإنسان التي رصدت تقاريرها حالات تعذيب أو اشتكت من إساءة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية للمعتقلين من دون محاكمة من أنصار حماس، منظمة العفو الدولية (أمنستي) و"هيومن رايتس ووتش" وجماعة "الحق" الفلسطينية بغزة والضفة وجماعة "بتسيلم" الإسرائيلية وغيرها من جماعات حقوق الإنسان في العالم.
في حين تعترف السلطة الفلسطينية،بحسب الصحيفة، بأنها تحتفظ في سجونها بما يقرب من 400 أو 500 من المعتقلين من أنصار حماس، وأدى التعذيب القاسي إلى وفاة ثلاثة من السجناء من أنصار حماس السنة الماضية، آخرهم كان الممرض هيثم عمرو (33 عاما) من سكان الخليل الذي فارق الحياة بعد أربعة أيام من اعتقاله على يد الاستخبارات الفلسطينية بالضفة الغربية.
وقال مدير منظمة "الحق" الفلسطينية المدافعة عن حقوق الإنسان شعوان جبارين "إن لم تكن الاستخبارات الأميركية متورطة في تعذيب الفلسطينيين بشكل مباشر، فإن بمقدورها الضغط على الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية لإيقاف تلك الممارسات". وفي حين اعترف وزير الداخلية الفلسطيني سعيد أبو علي بتعرض المعتقلين للتعذيب ومفارقة بعضهم الحياة، قال إن تلك الممارسات "ليست سياسة ممنهجة تتبعها السلطة، وإنه تم اتخاذ خطوات لمنعها وإيقافها".
وبينما أنكر أبو علي أي دور إشرافي للأميركيين على الأجهزة الأمنية الفلسطينية، قال إن تعاونا وثيقا يجري بين تلك الأجهزة ونظيراتها في الولايات المتحدة، وإن الأميركيين يقدمون العون والمساعدة للأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية.
وأشارت ذي غارديان إلى أن كثيرا من الفلسطينيين يلقون باللائمة على الجنرال الأميركي كيث دايتون الذي يقوم بالإشراف على تدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية والتنسيق مع نظيراتها الإسرائيلية بشأن تعذيب المعتقلين من أنصار حماس.
ما نشرته الصحيفة البريطانية ذات الصدقية العالية، يجيب عن كثير من أسئلة الانقسام الفلسطيني، فكيف سيسمح بعودة أجهزة السلطة إلى غزة وهي تأتمر بأمر دايتون وتمارس التعذيب على نطاق واسع؟ وإن كانت هذه ملامح الدولة الموعودة في حل الدولتين فلا داعي لها. ليست القضية أخطاء فردية بل تآمر أميركي صهيوني على المشروع الوطني الفلسطيني. وحماس اليوم هي العمود الفقري لهذا المشروع لذا تسام سوء العذاب؛ سواء بالقتل المباشر أو التعذيب أو الحملات الإعلامية المسعورة.
فضيحة الصحيفة البريطانية لن تمر بسهولة وهي لا تقل وقعا عن فضيحة أبو غريب التي هزت إدارة بوش. وعلى أنصار القضية الفلسطينية في العالم أن يخوضوا المعركة حتى النهاية وأن يلاحقوا ممارسي التعذيب سواء كانوا أميركيين أم إسرائيليين أم فلسطينيين كما لاحقوا ليفني التي لم تستطع دخول بريطانيا.