دولة الرئيس.. حتى تنجح في التغيير

لا أتفق كثيراً مع القلة التي ترى أن الحكومة التي شكّلها الرئيس الرفاعي حكومة قوية ولديها القدرة على إنجاز مهامها بأريحية، كما أنني أشك بالكفاءة السياسية والمهنية لبعض وزرائها، إلاّ أن ذلك لا يمنع أن نتمنى لها النجاح بإخلاص وصدق، مع قليل من الإشفاق على حجم المهام المكلفة بإنجازها، فقد ألقى عليها كتاب التكليف السامي مسؤوليات جساماً، ومهاماً ليست سهلة التحقيق..
من هذا المنطلق، ومن أجل تسهيل إنجاز مهماتها الصعبة، فإننا ندعو الرئيس إلى البدء بالتغيير بما يتواكب مع طبيعة المرحلة، ويلبي متطلباتها، ويرتقي إلى مستوى التكليف والمسؤوليات، ويعزز من قدرة حكومته على الإنجاز بشيء من النجاح وربما التميز.
هل الوضع يحتاج فعلاً إلى التغيير في أجهزة الدولة..؟!
سؤآل مهم ومن الضروري طرحه حالياً، وأنا أعتقد أن التغيير بات ضرورياً، وأن ضخ دماء جديدة في أجهزة الدولة المختلفة موضوع ذو أولوية، ومن واجب الرئيس ومن مسؤوليته أيضاً أن يضمن أعلى قدر ممكن من كفاءة الجهاز التنفيذي للدولة، الذي يتولى إدارته، من أجل القيام بالمهمة بريادة..
والسؤآل الآخر: ماذا يمكن أن يفعل الرئيس..!؟
مبادرة الرئيس الرفاعي لتعيين مستشار خاص له، كانت خطوة مهمة على الطريق، لكنها ليست كافية، فالرئيس يحتاج إلى جهاز تنسيقي في مكتبه يتابع أداء مرافق ومؤسسات الدولة التنفيذية المختلفة، ويكشف عن رؤى مسؤوليها، والجهاز الذي نقترحه، يجب أن يتمتع بصلاحيات واسعة للمتابعة والتنسيق والكشف، وباستطاعة الرئيس إذا تمكّن الجهاز التنسيقي بمكتبه من إنجاز مهامه في المتابعة والتنسيق والكشف بمستوى عال من الكفاءة، واستطاع أن يضع أمام دولته صورة واضحة وصادقة عن أوضاع المؤسسات والدوائر الرسمية في الدولة ومدى تقدمها باتجاه أهدافها، باستطاعة الرئيس أن يُكوّن فكرة دقيقة عن أداء مؤسسات الدولة، وأن يتعرف على مناطق الخلل والضعف في أدائها، ومن هنا تبدأ أولى مراحل التغيير الحقيقي..!!
إنني أعتقد أن لا تغيير يمكن أن ينجح ويؤتي ثماره ما لم ينجح رئيس الحكومة في تكوين رؤية عن رؤية كل مسؤول ضمن مستويات المسؤولية العليا، وكل مسؤول لا يحمل رؤية واضحة وغير تقليدية للجهاز الذي يديره، لا يستحق أن يكون مسؤولاً، ومن الأفضل أن يرحل..
هذه من المهام الضرورية للرئيس.. وعلى دولته أن يتنبه لها جيداً، وأن يعي أهميتها إذا كانت لدى دولته نوايا للتغيير.. وأظنه يتطلع إلى ذلك برؤية ووعي ثاقبين.. فلا تغيير بدون رؤى واضحة ورصينة.. وأول التغيير يجب أن يبدأ بأولئك الذي حملوا المسؤوليات ولم يملكوا الرؤى.. فمنْ يدلني على مسؤول يحمل رؤية ويُغلّبها على المصلحة فلا تضارب..!!