حلول أسوأ من المشاكل

يبدو أن الباب مفتوح على مصراعيه لأصحاب الأفكار الخيالية الذين يطرحون تلك الأفكار لحل مشاكل معينة يعتبرونها صعبة مع أن حلولهم أسوأ وأخطر من المشاكل المطلوب حلها.
يعتقد بعض هؤلاء أن البنوك لم تقدم خلال سنة 2009 تسهيلات مصرفية سوى 1% ، مما جعل دوائر الأعمال تشكو من نقص السيولة. وهذا ليس صحيحا ، فقد تم خلال السنة تسديد قروض وتسهيلات سابقة لا تقل عن مليارين من الدنانير ، فقامت البنوك بإعادة إقراضها لعملاء جدد أو سابقين مضافا إليها 150 مليون دينار أخرى.
حركة منح التسهيلات المصرفية ظلت ناشطة ، وقد حصل المقترضون المؤهلون على احتياجاتهم المالية ، بل أن البنوك تبحث عنهم ، فلا مصلحة لها بتجميد سيولتها لدى البنك المركزي بعائد 5ر2% إذا كانت تستطيع إقراضها بسعر فائدة وعمولة تصل إلى 9% أو 10%. المشكلة أن بعض النشاطات المتعثرة لا تستطيع الحصول على المال لأنها عاجزة عن إقناع البنوك بقدرتها على السداد.
تأتي الحلول الخيالية بأشكال غريبة مثل تحرير الاحتياطي النقدي الإلزامي الذي يقتصر الآن على 7% من الودائع ، ويشكل هامش أمان لمصلحة المودعين ، وإعادة إقراضه إلى البنوك بسعر رمزي ، 1 مثلا ، شريطة أن تقوم البنوك بإقراضه لعملاء جدد بسعر فائدة مخفض.
هذا الحل خاطئ ، أولا لأنه يضحي بهامش الأمان المطلوب مصرفيا ، وثانيا لأن البنوك لا تنقصها السيولة بل تعاني من السيولة الزائدة المودعة في البنك المركزي بعائد يقل عن الكلفة ، وثالثا لأن المقترضين غير المؤهلين ليس لديهم مشكلة في ارتفاع سعر الفائدة ، فهم على استعداد لدفع أعلى الفوائد الدارجة إذا كانت البنوك ترضى بالمخاطرة في المزيد من التورط معهم.
وصل الأمر ببعض أصحاب الأفكار الخيالية إلى مطالبة البنك المركزي بتأسيس صندوق لتقديم القروض للعملاء الذين لا يستطيعون الحصول على التمويل من البنوك التجارية ، وبهذه الطريقة نخسر البنك المركزي ونربح بنكا تجاريا آخر يحمل الرقم 24!! وكأن المقصود أن البنوك لا تريد المخاطرة بالمال الخاص فلماذا لا يخاطر البنك المركزي بالمال العام؟!.
لطفا اتركوا البنك المركزي يعمل كبنك مركزي ، خاصة بعد أن شهدت مراجع دولية معتمدة على أنه أفضل بنك مركزي في الشرق الأوسط.