المناطق الساخنة .. هل تجدي الحملات الامنية ؟

ظل المسؤولون الامنيون ينكرون على الدوام وجود »مناطق ساخنة« وملاذات امنة للخارجين على القانون في الاردن.
وعندما استمرت وسائل الاعلام في نشر تقارير حول تلك المناطق زار رئيس الوزراء في ذلك الحين نادر الذهبي وزارة الداخلية والتقى مدراء الاجهزة المعنية. يومها تمسك المسؤولون الامنيون برفضهم الاعتراف »بادعاءات« الاعلام وتحدى بعضهم ان تكون هناك منطقة في المملكة لا يستطيع الامن دخولها او اقتحامها.
الذهبي شدد في ذلك الاجتماع على ضرورة فرض سلطة القانون في كل المواقع. لكن حالة الانكار للظاهرة حالت دون تحويل الاقوال الى افعال.
الاسابيع القليلة الماضية اظهرت ان كل ما كان يقال عن المناطق الساخنة و»البلطجة« والعصابات المنظمة صحيح. وهو الامن الذي دفع بالاجهزة الامنية الى تنظيم اكثر من عشر حملات امنية شارك فيها المئات من رجال الامن للقبض على المطلوبين والفارين من وجه العدالة وبعض هذه الحملات مستمر لاكثر من اسبوعين.
نتائج تلك الحملات كشفت عن حقائق مروعة كان اخرها ما نشرته الزميلة »الدستور« امس عن ضبط مخدرات في الكفرين بقيمة 11 مليون دينار في منزل واحد.
وطوال الايام الماضية تابعت وسائل الاعلام اعداد المطلوبين الذين تم القبض عليهم وكميات كبيرة من الاسلحة والمخدرات مخزنة في مواقع شتى من البلاد. والمؤكد ان لدى الاجهزة الامنية معلومات اكثر خطورة لم تكشف عنها توصلت اليها اثناء عمليات المداهمة والتفتيش.
وعلى الجانب الاخر يتداول مواطنون روايات موثقة عن »اوكار« محصنة لاشخاص مطلوبين ما زالوا يديرون اعمالهم غير المشروعة منها. ويشرفون على عمليات سرقة منظمة ويعقدون صفقات لبيع المخدرات من قصور فارهة.
هل وصلنا في الاردن الى مرحلة الجريمة المنظمة؟
اعتقد ان الانكار لم يعد مجديا. لقد دخلنا بالفعل الى هذا المستوى.
هل كان بوسعنا تفادي ذلك؟
قطعا كان ذلك ممكنا لكننا تراخينا في مواجهة الظواهر الفردية التي تحولت مع مرور الوقت الى حالات منظمة.
الفزعات والحملات الموسمية التي لجأت اليها الدولة في سنوات سابقة لم تكن فعالة كان ينبغي اتباع استراتيجية دائمة لمواجهة التهديد الناشىء عن تطور اساليب ووسائل الجريمة المنظمة.
والاسوأ من ذلك ان بعض الحكومات والوزراء ومدراء الاجهزة الامنية لم يلتزموا بتطبيق القانون على الجميع. كانت هناك سياسات تمييزية واسترضائية وفي بعض الاحيان وقف مسؤولون الى جانب اشخاص خارجين على القانون وساعدوهم في الافلات من العقاب او الحصول على العفو.
في غمرة الحرب على الارهاب التي خضناها الى جانب الاشقاء والحلفاء تقاعسنا عن مواجهة خطر داخلي استفاد من تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتحول الى تهديد جدي وخطير للمجتمع وسلطة القانون.
لا نستطيع ان نحكم على نتائج الحملات الامنية الحالية لكنها اجراء مفيد وتبعث برسالة على جدية الدولة في مواجهة الظاهرة, غير انها لا تصلح كمنهجية دائمة للعمل لانها تعطي انطباعاً في الداخل والخارج ان الاردن دولة غير مستقرة خاصة وان وسائل الاعلام وبحكم واجبها المهني تتابع اخبار الحملات بالتفصيل. البديل هو انتهاج سياسة دائمة لتخفيف منابع الجريمة المنظمة حتى لا تتحول الحالات الفردية الى مجموعات منظمة وعدم التهاون في تطبيق القانون مهما كانت الظروف.