بناء الدولة الفلسطينية

يسـتحق رئيس الوزراء الفلسطيني سـلام فياض تغطيـة أكبر لما أنجـز وما خطط، فهو يقدّم مع رئيس السـلطة الفلسطينية محمود عباس الشريك الذي لا تسـتطيع إسرائيل أن تنفي وجوده. وإذا كان الفلسطينيون متهمين بأنهم لم يفوتوا فرصة في تفويت أي فرصة للسـلام في الماضي، فإن الوضع الحالي أصـبح على العكس، حيث يـدرك العالم أن إسرائيل هي المصممة على تفويت فرصة السلام التي يقودهـا الرئيس الأميركي أوباما، ففي ظل حكومـة نتنياهو لا يوجد شريك إسرائيلي للسلام.
في الجانب العربي شـعارات رنانة تطالب بدولة فلسـطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس. وهو شـعار أصبح كليشيه تدعو للملل في غياب أي عمل لجعلـه يتحقق على الأرض.
سـلام فياض وضع خطة معلنـة لقيام الدولة الفلسطينية خلال سنتين، ليس كشعار لا يغير شيئاً على الأرض، بل كخطوات عملية مدروسـة لبناء مقومات الدولة بحيث تصبح أمراً واقعاً عندما تتحقـق جميع شـروطها الذاتية، فبناء مؤسسـات الدولة لا يجوز أن ينتظـر قيام الدولة بل يجب أن يسـبقها، ويمهد لها الطريق، ويحولهـا من شعار سياسي فارغ إلى واقع عملي على الأرض، لا ينقصـه سوى إعلان الاستقلال.
خطة سـلام فياض هي الرد العملي لخطة إسرائيل في بناء حقائق جديدة على الأرض تجعل السلام أمراً صعب المنال، فهـو بدوره يبني حقائق جديدة على الأرض تجعل قيام الدولة الفلسـطينية أمراً ممكناً.
في ظل حكومة فياض حقق الاقتصاد الفلسـطيني نمواً حقيقياً بمعدل 7% لسبب بسـيط هو أنه وضع حداً للفسـاد، وخاصة الفسـاد الكبير، الذي ينتزع نسـبة هامة من المال العام على حساب النمو الممكن.
في الوقت الذي تتراجع فيه المنح والمساعدات الخارجية من الدول المانحة، فإن نزاهة حكومـة فياض، ونظام المحاسـبة والمسـاءلة والشـفافية، دفع الدول المانحـة إلى زيادة تحويلاتها المباشـرة إلى الخزينة الفلسطينية.
إذا لم تقم الدولة الفلسـطينية خلال سـنتين، فإن ما يصنعه سلام فياض على صعيد بناء مؤسسات الحكم الذاتي في الضفة الغربية يكشـف عناد إسرائيل وعدوانها من جهة، وتهاون وتراخي إدارة أوباما من ناحية أخرى وينزع العذر من الجانبين. ولأول مرة لن يلـوم العالم الفلسطينيين على تعثر عملية السـلام.