تفجير بسيط وتوظيف خبيث

تكثر التسريبات الصحافية الاسرائيلية بعد حادث التفجير على طريق البحر الميت يوم الخميس الماضي الذي استهدف موكب سيارات السفارة الاسرائيلية , وقد استغلت الماكينة الاستخبارية الاسرائيلية وسائل الاعلام لاطلاق مجموعة من الاكاذيب والمعلومات المظللة لفرضها على الراي العام الاردني ومسار التحقيق الامني وتوجيه الغمز واللمز للحكومة والاجهزة الامنية.
زرت بالامس موقع التفجير على منعطف العدسية وتبين انه تفجير"صبياني" بعبوة محلية ضعيفة الحجم والمفعول ولم يترك اثرا يذكر على الارض مما يدل على ان المقصود من العملية هو الفعل الاعلامي ليس الا ? والدليل ان موكب السيارات الاسرائيلي لم يصب باذى بل اكمل طريقه الى الجسر وعبر الى الاراضي المحتلة .
وقد ضخت الماكينة الاعلامية الصهيونية خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية التي تلت الحادث, موجات متواصلة من المعلومات المسمومة التي تشكك بقدرة الاردن واجهزته الامنية على حماية السفارات الاجنبية في عمان, وقد راينا كيف سارعت السفارة الامريكية في عمان الى تحذير رعاياها في البلاد من الاستهداف.
وقد ركزت الدعاية الصهيونية على ربط التفجير لحظة وقوعه بتنظيم "القاعدة" واعتبار ما جرى"اختراق امني للاردن واستهداف حصانته الاستخبارية " لكن الاختراق الحقيقي هو لخطط الحماية الاسرائيلية ذاتها والتي ما تزال تعتمد على سيارات مستأجرة .
وكأن خلايا"القاعدة" لم يسبق لها ان استهدفت الاراضي الاردنية, وللتذكير فقط فان تفجيرات فنادق عمان الثلاثة عام 2005 لم تستهدف اسرائيليا واحدا بل ان اغلب الضحايا من المواطنين الاردنيين والعرب والصينيين .
والاخطر من ذلك ان الخيال الصهيوني ربط التفجيرايضا بحركة المقاومة الاسلامية / حماس وحزب الله اللبناني في استهداف واضح لتكبير الحادثة والاساءة الى الاردن واطراف عربية وجرها للدفاع عن نفسها.
ويحاول المحللون الاسرائيليون وكلهم من العاملين السابقين في المجال الامني الذين قرأنا لهم وسمعناهم على الفضائيات خلال الايام الماضية , ان يؤشروا الى "تهديد امني دائم للسفارات الاجنبية في الاردن" وهو كلام ساذج لانه يريد ان يحولنا الى دولة فاشلة لا يعرف فيها المواطن او الزائر آمنا , اضافة الى الضخ الاسرائيلي الخبيث الذي يربط اي تهديد للسفارة الاسرائيلية بغيرها من السفارات الاجنبية.
والذي لا يريد الاسرئيليين قوله هو انهم يخضعون الى"رعاية زائدة" لان تكلفة حمايتهم الامنية في اي دولة في العالم حتى في الولايات المتحدة الامريكية اعلى بكثير من حماية اي سفارة اخرى , نظرا لطبيعة الكيان الصهيوني العدوانية والعنصرية التي تجعله خصما للشعوب اينما يحل سفراؤه.
والاردن لا يستطيع كما قال وزيرا الخارجية والاعلام الا حماية كل السفارات في عمان لان اي استهداف لاي سفارة هو استهداف للامن الاردني بالدرجة الاولى, والدليل الاكبر على "الرعاية" ان موكب السفارة الاسرائيلية يسمح له باستعمال جسر الملك حسين في طريقه الى "اسرائيل" مع ان الجسر ليس حدودا مع دولة اسرائيل بل الاصل ان يغادر او يدخل اي مواطن اسرائيلي الاراضي الاردنية عبر جسر الشيخ حسين .
لن نستبق التحقيق,لاننا نثق باجهزتنا الامنية وقدرتها الدائمة على تفكيك اصعب القضايا, لذلك ادعو الى "سحب" القضية من التداول الاعلامي المحلي لانها في مراحل التحقيق الامني ولان تداولها يقدم خدمة للكيان الصهيوني فقط .0