رواتب النواب التقاعدية والمحكمة الدستورية

تم نشره الأحد 13 آذار / مارس 2016 12:19 صباحاً
رواتب النواب التقاعدية والمحكمة الدستورية
الدكتور فطين البداد

شهد الأسبوع الماضي حدثا بارزا يعتبر من أهم المحطات الأردنية التي وقف عندها الأردنيون بعد العملية الأمنية في إربد .

المحطة المذكورة ، هي رفض المحكمة الدستورية منح النواب والأعيان رواتب تقاعدية ، وجاء " التذكير " بقرار المحكمة الذي صدر في وقت سابق ، خلال إدراج قانون التقاعد على جدول أعمال جلسة الأحد النيابية 6 - 3 - 2016 ، والتي كشفت حجم الضيق والغضب الذي انتاب عشرات النواب ، بعد أن استيقنوا بأن التقاعد الذي هنأوا بعضهم البعض به أصبح في خبر كان ، إثر قرار المحكمة الدستورية التي قضت ببطلانه .

وقد فات النواب الأكارم ، منذ البداية ، أن قانون التقاعد حوى منذ تقديمه إشكالا لم ينتبه له الأعيان ولا النواب ، وهو أنهم يتقاضون مكافآت أصلا ، فأتتهم المحكمة الدستورية من حيث لا يشعرون ، وأبطلت ما أقروه من صرف رواتب تقاعدية لهم أسوة بالوزراء .

وللتوضيح أكثر لغير المتخصصين : فإن المحكمة الدستورية قضت بأن النواب لا يتقاضون رواتب وإنما مكافآت ، ومن أجل ذلك ، فإنهم لا يحق لهم تقاضي تقاعدا .

وعقب صدور قرار المحكمة الدستورية ، فإن من نافلة القول الجزم بأن القانون نفسه بات غير دستوري بشكله الحالي ، الأمر الذي كان يتطلب خلال الجلسة النيابية أمرين من وجهة نظري المتواضعة :

1 _ : إما أن تسحبه الحكومة .

2 - : وإما أن يحال إلى اللجنة القانونية .

وبعد أن اختار النواب الخيار الثاني ، فإنني لا أعرف كيف ستناقش اللجنة قانونا غير دستوري ، حيث يفترض أن يسن مشروع قانون جديد بدلا عنه ، وهذا لا يكون إلا بسحبه ، وهو ما لم يحصل .

لقد ذهبت الحكومة إلى المحكمة الدستورية بناء على توجيه ملكي عبر رسالة إلى الحكومة منتصف أيلول من العام 2014 ، حيث شعر جلالته بأن في الأمر شبهة دستورية ، وإنه لا بد هنا من إيراد الرسالة الملكية لتذكير الأردنيين بمواقف جلالته الذي يأبى إلا أن يعامل شعبه بالتساوي :

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور، رئيس الوزراء، حفظه الله،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

فإنه وتجسيدا لما نقوم به من جهود لبناء الأردن العزيز على أسس متينة قائمة على ترسيخ مبادىء المساواة بين جميع فئات المجتمع، وفي إطار حرصنا الموصول على إعداد مشروع قانون تقاعد مدني وفق أعلى درجات العدالة والشفافية والموضوعية، وعلى نحو يعالج التشوهات التي تضغط على موارد الدولة والإختلالات غير المنصفة وأثرها على أجيال المستقبل.

وفي ضوء ما يواجهه الأردن من تحديات إقليمية غير مسبوقة، تشكل عائقا أمام تحقيق النمو الاقتصادي الذي نتطلع إليه، والتي تستدعي إعتماد سياسات إقتصادية ناجعة تسهم في تحسين الأداء الاقتصادي وحفز نموه، وبما يرشد النفقات ويحافظ على المال العام، ويحقق الأفضل لجميع أبناء وبنات أردننا العزيز، ويعزز العدالة والمساواة الاقتصادية والاجتماعية وتكافؤ الفرص، إضافة إلى الجدل الذي ظهر لنا مؤخرا حول مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني، الذي أقره مجلس الأمة، والذي يشير إلى إحتمالية وجود شبهة دستورية حول مشروع هذا القانون، الأمر الذي يقتضي من الحكومة التوجه إلى المحكمة الدستورية للوقوف على رأيها بهذا الشأن، ومن ثم ضرورة إعادة دراسة هذا الموضوع بمختلف أبعاده، دراسة شاملة وموضوعية، وصولا إلى حلول واقعية وعادلة تتفق وأحكام الدستور وتحقق العدالة بين الجميع، وتأخذ بالاعتبار الظروف الإقتصادية الصعبة التي نمر بها.

وفي كل الأحوال، يجب أن نتوخى دائما مراعاة الصالح العام، وأن مصلحة الأردن والأردنيين فوق كل اعتبار، ولن نقبل أبدا أن يتم المساس بها، مهما كانت الأسباب والمبررات.

وحيث أن مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني لسنة 2014، والمرفوع إلينا، بعد إقراره من مجلس الأمة، لم يعالج الأسباب المتقدمة، فقد قررنا، واستنادا إلى الصلاحيات المخولة إلينا، بموجب الفقرة الثالثة من المادة 93 من الدستور، رد مشروع هذا القانون، وعدم التصديق عليه.

سائلين الله أن يوفقنا جميعا لتحقيق تطلعات شعبنا العزيز في التقدم والرفعة والرخاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

عبدالله الثاني ابن الحسين

عمان 20 ذو القعدة 1435 هجرية

الموافق 15 أيلول 2014 ميلادية ).

إذن : فقد رد الملك القانون ، وبعد قرار المحكمة الدستورية ، فإنه لم يجرؤ أي كان على رفض قرار المحكمة التي هي الفيصل القطعي لكل ما هو دستوري ، وما هو غير دستوري ، وقد ذهب الدكتور النسور إلى المحكمة بناء على التوجيهات الملكية كما رأينا ، ورغم ذلك ، حمل بعض النواب الحكومة مسؤولية عدم سحب القانون منذ عام ونصف العام تقريبا والإتيان بمشروع قانون جديد .

وقد وقعت إشكالية حقيقية قبل إحالة القانون للقانونية ، وهو أنه إذا رد النواب القانون فسيحول للأعيان ، فكيف سيحدث ذلك والقانون غير دستوري بالأساس ، مما يعني أننا سندخل في " تخبيص " غير مسبوق.

ولا يفوتني التذكير هنا ، بأن مداولات اللجنة قبل إقرار القانون من مجلس الأمة بشقيه كانت مغلقة على الإعلام ، اي أن هناك " طبخة " كانت تعد على مهل ، وسرعان ما تم إحماء النار تحتها بدون سابق موعد ، وإذ بأعضاء مجلس الأمة يقرون القانون بسرعة خاطفة وكأنهم كانوا في سباق مع الزمن ، ولكن جلالته أبطل مثل هذا التدبير لوجود شبهات دستورية واضحة ، وطلب جلالته من الحكومة إحالة القانون إلى المحكمة كما رأينا .

وبعد كل ما سبق ، فإن النواب لا زالوا يحملون على وسائل الإعلام وعلى الحكومة ، على اعتبار أن الأخيرة قامت بتحريض الشارع ضد القانون ، وهو ما رفضه رئيس الحكومة بالمطلق .

وختاما ، فإني أذكر بأن رفض المحكمة الدستورية منح النواب والأعيان رواتب تقاعدية ، وفر على الموازنات الأردنية مبلغ 50 مليون دينار سنويا .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات