معارك دمشق وحماة ما الجديد؟

تم نشره الإثنين 27 آذار / مارس 2017 01:01 صباحاً
معارك دمشق وحماة ما الجديد؟
حسن أبو هنية

في الوقت الذي كانت تشير فيه ديناميكة الأزمة السورية إلى حالة من الجمود على صعيد العمل الميداني العسكري وتقدم قوات النظام ببطء لكن بثبات وتفعيل المسار السياسي بين أستانة وجنيف نشطت المعارضة المسلحة في تفعيل القتال عبر عدة جبهات وأعلنت عن البدء بمعركتين في نفس الوقت الأولى في دمشق وحملت اسم «يا عباد الله اثبتوا» والثانية في حماة وحملت اسم «وقل اعملوا» وقد أعلن عن بدء معركة حماة بذات الطريقة التي بدأت فيها معركة دمشق بصورة مشهدية عنيفة عبر إرسال «انتحاريين» بمفخختين تلتهما عملية اقتحام «انغماسيين» في محاولة لاستعادة صورة المعارضة القوية التي كانت عليها قبل التدخل الروسي.

لا شك أن التدخل الروسي والتفاهمات الأمريكية الروسية كان قد غير معادلات الصراع في سورية لكن الانقلاب حدث بعد الاستدارة التركية وتفاهماتها مع روسيا حيث حققت القوات الحكومة السورية تقدما كبيرا على مدى 18 شهرا وتوجت في ديسمبر 2016 باستعادة جيب المعارضة الرئيس في حلب ودشنت هدنا عسكرية استثمرها النظام في عمليات السيطرة التي ترتكز على تكتيكات العزل والقضم لكن دينامية النزاع أظهرت الصعوبة التي يواجهها جيش النظام في الدفاع عن العديد من الجبهات في آن واحد نظرا لافتقاره للقدرة والموارد اللازمة وانهاكه.

التفاهمات التركية الروسية قادت إلى مؤتمر أستانة 1 في يناير الماضي والذي شاركت فيه فصائل من المعارضة المسلحة والذي أكد على تثبيت وقف اطلاق النار لكن أستانة 3 في مارس الجاري شهد غياب المعارضة المسلحة وقد عللت المعارضة السورية المسلحة عدم مشاركتها في المشاورات التمهيدية لمحادثات أستانا اليوم بعدة أسباب من بينها «عدم تنفيذ أي من التعهدات الخاصة بوقف إطلاق النار» لكن بين المؤتمرين تغيرت أشياء عديدة وبرزت حسابات جديدة حيث أشار وفد الجكومة السورية أن غياب المعارضة جاء استجابة لطلب من تركيا والدول الراعية للمعارضة.

لا جدال أن المعارضة السورية المسلحة باتت تدرك طبيعة التحولات والتعقيدات السياسية والميدانية كما أن دول أصدقاء سورية شعرت أن الحكومة السورية ورعاتها الروس تعمل على تثبيت واقع جديد الأمر الذي قاد إلى معارك دمشق وحماة فقد بات جليا في الأزمة السورية صعوبة الفصل بين ديناميات الصراع الميداني وتوجهات المعارضة والحكومة عن ديناميات الصراع الإقليمي والدولي ولذلك فقد اتهمت الخارجية السورية في رسالتين وجهتهما إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن التابع لها أن دمشق ومناطق أخرى تتعرض لاعتداءات «وحشية» من قبل تنظيم «جبهة فتح الشام النصرة سابقا» والمجموعات الإرهابية المتحالفة معه انطلقت من حيي جوبر والقابون المجاورين للعاصمة وشددت الوزارة على قناعتها بأن «الهدف الحقيقي لهذه الاعتداءات» هو التأثير على مفاوضات جنيف وأستانا و»النتائج التي تم التوصل إليها» وبحسب الرسالتين، فإن المعلومات المتوفرة تفيد «بتورط أجهزة المخابرات الدولية في هذه الأحداث».

شكّلت المعارك التي بدأتها فصائل المعارضة ضد قوات الأسد شرق العاصمة دمشق في 19 آذار الجاري صدمة غير متوقعة بعد التقدم السريع الذي أحرزته الفصائل حيث تمكنت من السيطرة على كراجات العباسيين داخل حي جوبرة واحكمت قبضتها على كامل المنطقة الصناعية وصولًا إلى عقدة البانوراما التي لم تقترب المعارضة منها منذ شباط 2013 وقد شكل فصيل «فيلق الرحمن» القوة الرئيسة للمعركة إلى جانب مقاتلين من «هيئة تحرير الشام» و»حركة أحرار الشام الإسلامية» ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن مصادر من داخل قوات النظام قولها إن هجوم المعارضة في دمشق ترافق مع عملية تشويش كبير على أجهزة تنصت النظام وانقطاعات في أجهزة التواصل الإلكترونية التي تمتلكها قوات النظام،وبحدود 25 آذار انكفأت المعارضة إلى نقاط سيطرتها السابقة بعد تكثيف الطيران الروسي هجماته.

أما معركة حماة فقد انطلقت مساء 21 آذار حيث باشرت فصائل من المعارضة السورية هجومًا واسعًا على مواقع النظام السوري في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي بهدف انتزاع القرى والبلدات تمهيدًا لدخول مدينة حماة وشارك في المعركة عدة فصائل بارزة في المنطقة الوسطى والشمال السوري وهي: «هيئة تحرير الشام» و»جيش النصر» و»جيش العزة» و»جيش إدلب الحر» و»فرقة الصفوة» و»أبناء الشام» وبعد إعلان المعركة بساعات سيطرت الفصائل على مدينة صوران وتبعها نحو 15 بلدة وقرية وعقب معارك حامية استعادت قوات النظام سيطرتها على عدة قرى وبلدات.

تزامنت معارك دمشق وحماة مع جولة جديدة من مفاوضات جنيف والتي بدأت في 24 آذار وهي رسالة واضحة إلى النظام السوري والفاعل الروسي بإمكانية تغيير الوضع الميداني ودفع المفاوضات إلى مسار حل سياسي جدي لكن الحقيقة بدت أن المعارضة المسلحة لا تزال مشتتة حيث لم يشارك الفصيل الأكبر في ريف دمشق وهو جيش الإسلام في المعارك وطالما دخل في صراع مسلح مع كافة الفصائل لتثبيت نفوذه وسيطرته كما هو حال أحرار الشام في مناطق أخرى حيث يبدو أن الفاعل الأساس هو هيئة تحرير الشام وهكذا فإن التقدم السريع الذي أحرزته المعارضة لا يعدو عن كونه رسالة محددة لكنه لن يتمكن من إعادة الأزمة إلى بداياتها فقد تبدلت ديناميكية الصراع إلى غير رجعة فقد انخرطت فصائل المعارضة الموسومة بالمعتدلة في ديناميكية المفاوضات السياسية وهي ترتبط برعاتها الإقليميين والدوليين بينما تشكل «هيئة تحرير الشام» عقدة لا تزال تستعصي على الحل وهي تحاول استعادة صورة ناصعة تذكر ببداياتها وانجازاتها وتلك مهمة مستحيلة في ظل الواقع الإقليمي والدولي، وهكذا فإن معارك دمشق وحماة انتفاضة وزوبعة في فنجان.

الراي 2017-03-27



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات