كيف نتضامن ؟

حفظت اسمها منذ فترة طويلة ، منذ كنت في قسم الترجمة في جريدة الدستور ، وتحديدا منذ ازمة العراق ، ان ماري ليزين ، رئيسة مجلس الشيوخ البلجيكي ، الفعلية في حينه والفخرية حاليا. كانت تشكل رمزا جميلا للموضوعية والانسانية فيما يخص القضايا الدولية ، وبالامس التقيتها ، كانت المناسبة خاصة وكان حضورها خاصا. الجمعية العربية لحقوق الانسان نظمت لقاء مع المعتقلين المحررين من غوانتانامو ، وهي جاءت شاهدة على التجربة من حيث مساهمتها في العمل الاوروبي والدولي لحقوق الانسان الذي ادى الى الافراج عن هؤلاء.
ما قالته ليزين ، كان مهما ، من حيث مصداقية الرئيس الاميركي بخصوص اغلاق معتقل غوانتانامو ، حيث اكدت على ثقتها بانه صادق في رغبته بذلك ولكنه اعجز من ان يتمكن من تنفيذه بسبب القوى الاخرى في الولايات المتحدة وغيرها. كما انها ركزت على ان نضالها لاجل معتقلي غوانتانامو ليس لانها تشاطرهم رأيهم وقناعاتهم بل لانها تحترم حرية الانسان في معتقده وحياته ، وحقوقه كاملة. انه جزء من نضالها ضد الظلم وضد الكراهية ، وضد مصادرة قوى متجبرة لحقوق الشعوب والافراد.
هذه السيدة ليست وحيدة في اوروبا ممن يمكن لنا كقوى عربية باحثة عن العدل ومناضلة لاجلها ان ننسق معها ، وان نشجع نشاطها ، دون ان يكون لنا الحق في ان نطالبها بان تتحول الى واعظ عربي او الى مناضل ناصري او بعثي. نحن بحاجة الى هؤلاء الانسانيين ، منهم من هو في صفوف اليسار ، دون ان نقع في سذاجة ان اليسار كله يؤيدنا ، فهناك يسار متصهين كما ان هناك يمين متصهين. نحن بحاجة الى ان نمد يدنا الى من يمكن ان يمد لنا يده ، كي نوصل شيئا من كلمتنا ، وكي نخدم ولو جزءا من قضايانا.
لم تتح لي الفرصة لان اتحدث اليها كثيرا ، فاكتفيت بان اعطيتها بطاقتي ، لافاجأ اليوم بانها ترسل لي رسالة الكترونية تقول لي بانها على استعداد تام لان تلتقيني لنتحدث اكثر ، وبصراحة شعرت بالحرج ، لانني استطيع التحدث اليها عن كل شيء ، ولكن ماذا لو اردت ان اطرح عليها شيئا عمليا؟ اين هي الخطة العملية الشعبية او الرسمية التي نستطيع ان نتحرك من ضمنها؟ وهل يفيد تحرك الافراد مهما كان؟ امكانية العبور الى هؤلاء الناس قائمة ، لكن المطلوب منا شيء اكثر من التعارف.
في القاعة نفسها كانت عالمة بومدين عضو مجلس الشيوخ الفرنسي ، التي جاءت بدورها هي الاخرى لتشارك في اللقاء حول غوانتانامو وفي لقاء تلاه حول احداث تونس. بومدين ذهبت ثلاث مرات الى فلسطين ، منها مرتان الى غزة ، وقالت لي ان جهة مدنية سورية وجهت لها دعوة لتكريمها. وكنت قد طرحت فكرة استضافتها لدينا في الاردن ، ولكن ماذا نستطيع ان نفعل لاجلها اذا ما نجح الضغط الصهيوني على حزب الخضر ، الذي تنتمي اليه كي لا يدعم ترشيحها للدورة البرلمانية القادمة؟.
الحكومات لا تتحدث الا الى الحكومات ، ويبقى على القوى الشعبية ان تبحث عن محاوريها بين صفوف القوى الشعبية في اطار خطة واعية ، ذكية ، واقعية ومتحضرة.(الدستور)