المخابرات في الرئاسة

تعيين عمر سليمان مدير المخابرات المصرية ، نائبا للرئيس المصري يعني الكثير الكثير.
عمر سليمان شخصية امنية ، لها علاقة بملف العلاقات مع الامريكيين والاسرائيليين ، وبملف العلاقات مع حماس وحصرها في غزة ، بما يوحي ان اختياره لم يكن قرارا منفردا للرئيس المصري.
تعيين شخصية امنية نائباً للرئيس ، يوحي ايضاً بأن مصر مقبلة على تغيير ، فالرئيس مبارك حسم ملف التوريث ولن يرشح نجله جمال للرئاسة المصرية ، وهو ايضا ، يؤسس لرحيله بشكل واضح ، بتوافق مع عواصم دولية.
قد نسمع في اي لحظة خبراً عن رحيل مفاجئ للرئيس المصري ، تاركاً مصر ، لمعركة مفتوحة شعبياً مع ذات النظام الذي اعاد انتاج نفسه.
ليس ادل على ذلك من وصول نجلي الرئيس المصري وعائلتيهما الى لندن ، استعداداً للمرحلة المقبلة.
هذا يعني ان القرار في مصر ليس للرئاسة المصرية ، بل لدول كثيرة ، تتخوف من انهيار مصر ، وتأثير انهيارها على اسرائيل ، وعلى المنطقة ، خصوصاً ، ان مصر دولة مركزية وتأخذ المرتبة الاولى عربيا في اهميتها.
اسم عمر سليمان كان مطروحاً في تواقيت سابقة ، الا ان اسمه كان يتوارى تحت وطأة اشاعات مختلفة ، وبتعيين عمر سليمان نائباً للرئيس يمكن ان نعرف ان المواجهة في مصر سوف تشتعل اكثر مما سبق.
سيكون صعباً على المصريين التراجع ، لان اشارة عمر سليمان تعني توتراً اعلى ، ومواجهات مع القوى الشعبية والحزبية والنخبوية ، هذا على الرغم من ان له كاريزما هائلة ، وتم رسم صورة محببة له.
الشعب المصري قبًل بجمال عبدالناصر وبالسادات وبحسني مبارك ، وثلاثتهم شخصيات عسكرية تنتمي الى الجيش المصري ، وهذه اول شخصية تنتمي الى المؤسسة الامنية ، يتم تجهيزها لحكم مصر.
هل سيكون عمر سليمان كشخصية امنية قادراً على رسم الانفتاح في مصر ومحاربة الفساد ، واستعادة ثقة الشعب المصري بالنظام ، ام ستبقى ذات المطالبات في وجه النظام ، وسيتم رفض عمر سليمان كذات الرفض المعلن في وجه الرئيس.
علينا ان نلاحظ تشابهاً مع الانموذج التونسي ، فقد رحل "زين الهاربين" وتمت تولية ذات رفاقه ، وكأن النظام هناك اعاد استنساخ نفسه ، فجيء بالغنوشي هذا على الرغم من انه كان احد اسباب المشكلة في تونس.
في مصر يتم تعيين عمر سليمان مدير المخابرات نائبا للرئيس ، وهو تعيين يكاد يقول اننا امام الرئيس الجديد ، وهو تعيين لا يحمل في تحليلاته اي تغيير في التعامل مع الشعب المصري ، ويفتح الباب على كل الاحتمالات.
سبب ذلك ان المؤسسة الامنية هناك جزء من المشكلة التي يواجهها المصريون ، وبهكذا تعيين يتم تسليم عنق مصر لحكم امني.
فرق كبير بين الشخصية العسكرية التي تنتمي للجيش والشخصية العسكرية التي تنتمي للمؤسسة الامنية ، في وجدان الناس ، وهو تعيين يقول ان واشنطن وتل ابيب وامن الاقليم ، كانت عناصر حاسمة في اختيار الوريث في القاهرة.
عمر سليمان اول نائب للرئيس المصري ، منذ ان جاء مبارك رئيسا لمصر ، وهناك معلومات تتوقع تعيين نائبا ثانياً ، وماهو مهم في هذا الصدد ان التعيين يكشف ان النظام لم يفهم رسالة الشعب المصري.
تعيين رجل قوي وخشن وامني نائباً للرئيس ، وبالتالي رئيساً لمصر ، يعني ان المشوار في مصر ما زال طويلا،،.
mtair@addustour.com.jo