الترشيحات التالية بعد تونس ومصر

تم نشره الإثنين 14 شباط / فبراير 2011 02:37 صباحاً
الترشيحات التالية بعد تونس ومصر
ياسر الزعاترة

يتساءل كثير من الناس في العالم العربي عن الدول التالية التي ستكون مرشحة لتكرار ما حدث في تونس ومصر ، وتأتي الإجابة أحيانا على سبيل التحليل ، وأحيانا على سبيل الأمنيات ، وهنا يختلف المتسائلون بحسب جنسياتهم ، وأحيانا بحسب مواقفهم السياسية ، ولا يستثنى من ذلك الكتاب الذي يخلطون بدورهم التحليل بالأمنيات.

ما ينبغي أن يلفت الانتباه ابتداءً هو تلك التنازلات التي قدمتها بعض الأنظمة للشعوب ، والتي لم يكن الكثيرون يتصورنها قبل أسابيع ، أعني قبل الثورة التونسية ، وفي مقدمتها التنازلات التي قدمها النظام اليمني للمعارضة ، فضلا عن عدد من التغييرات أو الإصلاحات ، وربما المنح التي قدمت للناس في عدد من الدول ، فضلا عن وعود في أخرى تتراوح من حيث القيمة والأهمية.

في هذا السياق ، ومن دون أن ننكر إمكانية خلطنا التحليل بالأمنيات ، نرى أن اليمن قد يكون في مقدمة المرشحين ، وفي ظني فهو كان مرشحا للتغيير الجذري ، وليس الترقيعي ، قبل تونس ومصر ، إذ أننا إزاء نظام وضع البلاد برسم التقسيم ، فيما أفقر العباد بسبب الفساد الذي يعد الأسوأ بين دول العالم أجمع ، وليس الدول العربية فقط.

والحق أن وعود الرئيس بعدم التمديد ولا التوريث لا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد من قبل قوى المعارضة ، إذ سبق للرئيس أن وعد بأنه لن يترشح للرئاسة ، ثم عاد وترشح ، وأتذكر هنا رهانين مع بعض الأصدقاء تعلق الأول بوعد الرئيس اليمني بأنه لن يترشح ، ووعد نجل الرئيس الليبي بأنه سيترك السياسة ، وفي الحالتين كسبت الرهان ، مستغربا وجود من يصدق وعودا من هذا النوع ، أقله قبل ثورة تونس ، وتاليا مصر.

الآن ، وفي ظل الأوضاع الراهنة يبدو من الصعب الجزم بصدق الوعد من كذبه ، إذ سيعتمد ذلك ابتداء على الحراك الشعبي الداخلي ، ومن ثم مجمل الظروف المحلية والإقليمية والدولية ، لكن ما ينبغي أن يقال هو أن ترك النظام يتغير من تلقاء نفسه ، وعبر ذات الآليات التي سار عليها لعقود إنما يعني أن من سيخلف الرئيس لن يعدو أن يكون نسخة منه ، فيما سيبقى الحزب الحاكم هو ذاته الذي يهيمن على كل شيء في البلاد ، ما يعني أن من الأفضل لقوى المعارضة أن تواصل إصرارها على التغيير الشامل مهما كانت الوعود ، وهي قادرة على ذلك إذا كسرت حاجز التردد والخوف ، وفي مقدمتها الإخوان.

الدولة الثانية المرشحة للتغيير هي ليبيا. وهنا حاول النظام خلال الأسابيع الأخيرة (إضافة إلى تصريحات تثير السخرية) تقديم بعض الرشاوى للناس من أجل شراء سكوتهم ، وهي رشاوى لا تعدو أن تكون سببا للإدانة وليس سببا للسكوت ، لأن الأموال التي تدفع ليست من تعب العقيد ولا عائلته ، بل هي أموال البلد التي ضاع أكثرها في مغامرات لم يستفد منها الشعب الليبي.

في ليبيا مصائب تجعل من عدم خروج الناس إلى الشوارع بعد تونس ومصر أمرا بالغ الغرابة ، فهنا ثمة دولة تملك من الثروات ما ينبغي أن يمنح مواطنيها وضعا اقتصاديا يوازي نظراءهم في أغنى الدول الأوروبية ، الأمر الذي لا يحدث ، حيث تهيمن فئة محدودة على السلطة والثروة ويعيش الناس في أوضاع صعبة ، أو قطاع لا بأس به منهم في أقل تقدير. أما الذي لا يقل أهمية فيتمثل في غياب العدالة والحرية والتعددية ، وملامح التوريث الظاهرة للعيان.

في السابق كان النظام يبيع على الناس الثورية والقومية والتحرر ، أما بعد أن دفع كل تلك الأثمان الباهظة من أجل الخروج من تلك الدوائر وشطب اسمه من ملفات الإرهاب ، فلم يعد ثمة مبرر لسكوت الناس على الحال الذي يعيشون فيه.

الأرجح في ضوء ذلك أن يبدأ الناس بحراك ما خلال المرحلة المقبلة ، اللهم إلا إذا كانت هناك جملة من الإصلاحات التي تنفس الاحتقان ، الأمر الذي لا يبدو متوقعا إلى حد كبير.

بعد هاتين الدولتين ، هناك دول أخرى تدخل قائمة الترشيح ، ومن بينها الجزائر التي تعيش البؤس رغم ثروتها الهائلة ، ولعل مخاوف عنف التسعينيات هي التي تحول دون انفجار سريع. ويبقى أن الحراك الشعبي من أجل إصلاح حقيقي وليس تغيير جذري سيشمل العديد من الدول ، من بينها دولة نفطية كبيرة ، مع العلم أن عدم الاستجابة لدعوات الإصلاح قد يدفع الناس نحو تبني مطلب التغيير الجذري.


 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات