عَرَب ما بَعْدَ البُلوغ!!

تم نشره الأربعاء 16 شباط / فبراير 2011 01:42 صباحاً
عَرَب ما بَعْدَ البُلوغ!!
خيري منصور

"بين روما وتونس وقت... له في قميص المضيفة خيط وفي الأفق خيطان من شجن ونعاس.."

لم يخطر ببالي منذ عشرين عاماً وانا أنام على مقعد جلدي في مطار دافنشي لثلاثة أيام لأنني كنت قادماً من بغداد الى تونس ، وارى عشرات التونسيين والمغاربة يقيمون في الترانزيت أن عقدين من الزمن يكفيان لأن يحدث ما حدث وعلى هذا النحو الذي أحال شارع الحبيب بورقيبة الى سجادة حمراء لمرور الشهداء لا الرؤساء وان ايطاليا سوف تعرض على تونس وهي تنهض لتضمد جراحها وتقف كالجواد على قدميها ان تعبر الحدود لضبط الأمن واغاثة المنكوبين بعد ان قدمت حكومتها تقارير رثائية عن أوضاع تونس وكأنها غدت صفراء لا خضراء.

لقد دخل الاستعمار الى بلادنا تحت مختلف الذرائع بدءاً من خرافة تسديد الديون الخديوية في مصر عام 1882 حتى هذا الصباح..

لقد كفانا أهل تونس الرد على العرض الايطالي وربما نابوا عنا كعرب في الرد على أي عرض مماثل في قادم الايام ، فأهل تونس ادرى بشعابها وقادرون بعصامية قومية باسلة على الخروج معافين من هذه التجربة الفذة بكل المقاييس..

جمهورية البوعزيزي لا تحمل رقماً كما هو الحال في جمهوريات فرنسا الثلاث أو الخمس أو في ايطاليا سواء كانت جمهورية موسوليني أو بيرلسكوني فما أحببناه كعرب في ايطاليا هو دانتي الاليجري الذي قرأ تراثنا واستضاء ببعض مصابيحه ، وما أحببناه فيها هو مورافيا الذي استشهد وائل زعيتر وهو على موعد معه ، وكذلك بيراندلو وشخصياته الست التي تبحث عن مؤلف ، تماماً كما أحببنا فليني ولورين وذلك الفنان الذي جسد رمزين عظيمين من تاريخنا هما حمزة وعمر المختار ، وكان هذا الفنان كما سمعته ذات يوم يدفع معظم دخله ضرائب لامريكا كي يحتفظ بأمريكيته لسبب واحد فقط هو كما قال بالحرف الواحد ليقول لها لا عندما يتطلب الامر كأمريكي أولاً وليس كايطالي.. تماماً كما أحببنا نحن العرب شكسبير واليوت وبرتراند رسل وفيلسيا ردغريف و...

في بريطانيا كلنا لم نحب ولن نحب اللورد بلفور ودزرائيلي وايدن وبلير..

ومقابل السيدين سايكس وبيكو والساطور الذي شطرا به تضاريسنا القومية ثمة مئات من المثقفين والفنانين والفلاسفة الذين تعلمنا منهم كيف نشحذ ارادتنا وكيف نسعى الى التحرر حتى من جيوش بلادهم ، لأنهم انسانيون وغير عنصريين والميراث الذي تركوه وراءهم يخص البشرية كلها،

ما نخشاه هو ان يعرض علينا الاستعمار الجديد بأقنعته الملونة التي تصيب كليل البصر بالدوار حماية متاحفنا وتحرير الناس في بلداننا ، فنحن تلقحنا على امتداد قرنين على الاقل ضد هذه الجرثومة الذكية ، ومن جاؤوا على صهوات الخيول.. أعقبهم بعد قرنين من جاؤوا على صهوات الدبابات باسم التحرير ودمقرطة المجتمعات الباترياركية.. ثم انتهى الامر الى امتصاص نُخاعنا،

نعم ، تلفحنا ضد أمثولة جامايكا التي استعانت بالنموس لكي تخلصها من الفئران فقضت النموس على الفئران في اسبوع واحد.. ثم أتت بعد ذلك على كل شيء،

ان العربي الآن قد بلغ ما بعد سن الفطام ، وربما ما بعد سن الرُشد لفرط ما خسر من كيسه.. لا من أكياس الآخرين ، وعليه حتى اذا قطع قدمه أن ينحت عكازه من عظم ساقيه ، فلا وصاية ولا غواية ولا ضباع نعدو وراءها نحو المغارة ونحن نناديها بأسماء آبائنا..

فالجبين ارتطم بسقوف المغارات كلها ، وسال دم يكفي لاعلان البلوغ والبلاغ والتبليغ،،

 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات