«استحقاق سبتمبر»

تم نشره الأربعاء 16 شباط / فبراير 2011 01:44 صباحاً
«استحقاق سبتمبر»
عريب الرنتاوي

 

ورد في كتاب التكليف الذي وجهه الرئيس عباس إلى رئيس حكومته المكلف سلام فيّاض ما يلي: "....إن الحكومة الجديدة يجب أن تركز في عملها على حشد كل الطاقات لتعزيز جاهزية المؤسسات الوطنية لقيام دولة فلسطين المستقلة ضمن الإعداد لاستحقاق أيلول (سبتمبر) القادم"...وكان عباس بذلك يرد ضمناً على كتاب الاستقالة الذي رفعه إليه فيّاض والذي جاء فيه أيضاً: "كلي أمل في أن الحكومة القادمة ستحث الخطى وتستنهض كامل الطاقات لاستكمال تنفيذ هذا البرنامج والأولويات التي حددتها وثيقة §موعد مع الحرية§ وبما يضمن تحقيق الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة ويسهم في وضع العالم أمام مسؤولياته للوفاء §باستحقاق سبتمبر§ المتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف".

نحن إذن على موعد مع الحرية والاستقلال في شهر أيلول (سبتمبر) القادم ، وكل ما يتخذ من خطوات هذه الأيام ، من بينها تغيير الحكومة والحرص على تشكيل حكومة فصائلية جديدة ، وإجراء الانتخابات المتعددة و"تعزيز صمود المواطن فوق أرض الوطن" ، ليس سوى خطوات تحضيرية ، تندرج في سياق الاستعداد للاستحقاق التاريخي المهم.

نحن لا نعرف من أين يأتي هؤلاء بكل هذا التفاؤل والثقة بما أسموه "استحقاق سبتمبر" ، ما الذي سيتغير ولماذا الاعتقاد بأنه سيكون مختلفاً عن آب (أغسطس) أو تموز "يوليو"...هل يكفي على سبيل المثال ، أن يقال بأن الحكومة ستكون قد أتمت بناء مؤسسات الدولة والاطمئنان لجاهزيتها حتى يصبح قيام الدولة أمراً ممكناً...ألم تقم دول من دون أن تكون جاهزة لاستحقاق الاستقلال (آخرها دولة السودان الجنوبي) التي لا تتوفر على أي من البنى التحتية المتوفرة في الضفة والقدس والقطاع...ألم يتأخر قيام دول واستقلالها ، برغم امتلاكها لكل مقومات الدولة وبناها التحتية (كوسوفو بعد عشرين عاماً تقريباً من تفكك يوغوسلافيا السابقة)؟

هل يكفي قول أوباما لعباس ، "نراكم في الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة" حتى يصبح أيلول (سبتمبر) القادم "موعدا مع الحرية" ، ويصبح هذا الشهر ، شهر حرية الفلسطينيين واستقلال دولتهم؟...هل يكفي أن أيلول (سبتمبر) القادم موعداً نهائياً لإتمام سنة المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي اطلقتها الولايات المتحدة والرباعية الدولية ، حتى يصبح هذه الشهر ، مختتم السنة ، موعداً مقدساً ، تشاد بعده مداميك الدولة العتيدة...هل يعتقد هؤلاء أن صدور قرار عن الجمعية العامة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية سيفضي إلى نشوء الدولة...ألا يزيد عدد الدول التي تعترف بفلسطين 130( دولة) عن مثيلاتها التي تعترف بإسرائيل؟..كم مرة يتعين على دول العالم أن تعترف بدولة فلسطين؟...وهل يصبح الاعتراف الدولي المتعاظم بدولة فلسطينية افتراضية بديلاً أو "تعويضاً نفسياً" عن قيام هذه الدولة على الأرض؟

الدولة ليست على مرمى حجر ، وأيلول القادم لن يختلف عن آب أو تشرين الاول ، ستمضي أيامه على الفلسطينيين كالمعتاد ، تحت الحصار والاحتلال وفي ظلال الاستيطان والعدوان ، وكفى ترويجاً للأوهام وإتجاراً بالمكتسبات الوهمية...لن تكون هناك دولة فلسطينية في المدى المرئي ، اللهم إلا إذا ارتضى فريق رام الله بإعلان الدولة رسمياً على حدود 67 وواقعياً على حدود أوسلو...لا استحقاق في أيلول (سبتمبر) القادم ، في أحسن الحالات سيكون هناك مزيد من الاعترافات بدولة فلسطينية على الأرض الفلسطينية ، وغالباً من دون ذكر للحدود أو العاصمة ، ومن دون إشارة لحق عودة اللاجئين...حتى سلام فيّاض لم يأت على ذكر حق العودة في معرض شرحه وتعريفه لـ"استحقاق سبتمبر" ، هو قال نصاً "والمتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف".

لن تكون هناك دولة فلسطينية خصوصا إذا صدقنا الرئيس عباس وأخذنا على محمل الجد ما قاله في خطبة المولد النبوي الشريف: "لا دولة من دون القدس...لا دولة من دون القطاع"...لن تجلو إسرائيل عن القدس في المدى المنظور...ولن تخلي حماس قطاع غزة لسلطة رام الله ، في المدى المنظور أيضاً.

ولن تكون هناك انتخابات في شطري الوطن ، والأرجح أن الانتخابات لن تشمل القدس ، أقله إن جرت بمشاركة جميع الفصائل ، يمكن التساهل في موضوع القدس إن جرت الانتخابات من دون حماس...انتخابات 2011 ليست انتخابات 2006 التشريعية ولا انتخابات 2005 الرئاسية ، وهي ليست انتخابات 1996 كذلك ، الظرف غير الظرف ، وإسرائيل ليست إسرائيل ، كل ما بمقدور السلطة أن تفعله هو أن تجري انتخابات في الضفة الغربية فقط...انتخابات تكرس الانقسام بدل أن تفضي إلى إنهائه...انتخابات بلا نصاب سياسي إذ تجري بمقاطعة حماس والجهاد والشعبية وفصائل المعارضة...انتخابات غير شرعية ومطعون في نتائجها سلفاً ، حتى وإن جرت بمنتهى النزاهة والشفافية ، ذلك أنها انتخابات بلا منافسين ، فريق يزاحم نفسه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات اللون الواحد والحزب الحاكم...انتخابات ستذكر الفلسطينيين بانتخابات مجلس الشعب المصري الأخير ، والتي كانت بحق ، سبباً جوهرياً في اندلاع ثورة الشعب المصري التي كنست النظام ومجلسي الشعب والشورى.

نحن أمام واحدة من أكثر العمليات بؤساً وتهافتاً تلك التي عرفها الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية المعاصرة...إنهم يصرفون الوقت ويقطّعونه...إنهم يتخبطون في ارتباكاتهم وارتكاباتهم...إنها تداعيات زلزالي مصر وتونس ومأزق فشل المفاوضات واستمرار الاستيطان..إنها أعراض وعوارض فقدان الراعي والسند في القاهرة وقد أفقدت القوم القدرة على التركيز واجتراح المبادرات الجادة والجدية ، إنه التعلق بالحبال الواهية وخيوط العنكبوت وقشة الغريق ، التي قد تصبح ذات نهار تونسي أو مصري ، القشة التي قصمت ظهر البعير.

 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات