الديكتاتور إذ يجعل من نفسه «خرقة بالية»؟!

تم نشره الإثنين 07 آذار / مارس 2011 01:47 صباحاً
الديكتاتور إذ يجعل من نفسه «خرقة بالية»؟!
عريب الرنتاوي


الديكتاتور مصدوم...فالغرب تخلى عنه برغم كل الخدمات الجليلة (الخسيسة) التي قدمها لهم...لقد حمّل "برنامج ليبيا النووي" بكامل عدته وعتاده ، وعلى نفقته الخاصة إلى واشنطن...دفع لكل ضحية من ضحايا لوكربي مبلغ عشرة ملايين دولار ، وهي أكبر ديّة رسمية تدفع حتى الآن...لم يبق مسؤول غربي لم "يُلقمه" عقداً مدنياً أو عسكرياً...أبناؤه محدودي الذكاء ، عوضوا النقص في قدراتهم الذهنية والعقلية بالاعتماد على خزائن ليبيا المالية...سيف الإسلام يرشي مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية ، والبعض يتحدث عن دكتوارة "حصل عليها بفلوسو"...الساعدي وهانيبعل تسبقهم فضائحهم الرياضية والجنسية حيثما حلّوا وارتحلوا ، حتى عائشة القذافي ، ابنة أبيها المدللة ، ظهرت كشاهد على فساد عصر بأكلمه.

الديكتاتور في حالة ذهول...فالغرب تخلى عنه بعد أن قدّم له ، وعلى طبق من فضة ، رؤوس خصومه السياسيين والأمنيين...كل أراشيف الحركات اليسارية والإسلامية والجهادية...كل المعلومات عن الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية ، التي كانت تأنس للقذافي وتتلقى الدعم من عنده..كلها سُلّمت لأجهزة المخابرات الغربية ، واستتباعاً للموساد ، وها هي حركة الجهاد الإسلامي تفتح مبكرا ملف استشهاد مؤسسها في مالطا على يد الموساد الإسرائيلي ، وبتواطؤ من العقيد.

الديكتاتور مسكون بإحساس عميق بالترك والخذلان...فهو حوّل ليبيا إلى خندق أمامي لأوروبا للدفاع عن أمنها في المهاجرين والإرهابيين والإسلاميين ، الذين يتدفقون من بطن القارة السوداء وأطرافها إلى مدن "القارة العجوز" وشواطئها ، مجاناً ومن دون أن يبعث بفاتورة لأحد ، فهو كان شديد الاقتناع بأن الاستمرار في تقديم خدمات من هذا النوع ، هو الضمانة الأكبر لبقائه في السلطة كل هذه السنين ، ولتوريثها لأنجاله من بعده ، فمن ذا الذي سيجرؤ ، وفي الغرب كله ، على الجهر بالاستغناء عن "أيادي القذافي البيضاء" ؟،

لكن "ملك ملوك أفريقيا" لم يستسلم لليأس بعد...فهو لا يتوقف عن تذكير أوروبا بهذه الخدمات...لسان حاله يقول أنتم لا تعرفون مصالحكم...أنا الأدرى بها...أنا الأقدر على خدمتها...أنا الأخلص لحسابات نظرية أمنكم وسلامة "دواخلكم"....ما بالكم لا تستمعون لنداءات التحذير االتي أطلقها صبح مساء... هل فقدتم الرشد والرشاد...ما كل هذا الحديث عن مرحلة "ما بعد القذافي"...هل هناك مرحلة بهذا الاسم؟...العقيد لم يخطر بباله سؤال كهذا ، فهو وضع نفسه في خانة "الخالدين" ، ومن بعده تؤول السلطة والجاه والثروة والثورة لنسله وذريته إلى يوم الدين.

ألا تخشون موجات المهاجرين والإسلاميين والمتطرفين والإرهابيين...يصرخ القذافي بأعلى صوته...لا يترك صحفياً أو دبلوماسياً أو وسيطاً إلا ويصيح أمامه بأعلى صوته...هل تريدون "قندهار" ثانية في بنغازي...هل "تبّو" تورا بورا ثانية في طرابلس...هل تريدون لشوارعكم ان تمتلئ عن بكرة أبيها بـ"زنوج أفريقيا وعبيدها"...هل استغنيتم عن النفط ، إن كان الصيف قد أطل برأسه الآن ، فماذا عن شتائكم المقبل...؟ الرجل لا يتوقف عن تذكير الغرب ، وبصورة ذليلة ، بأنه الحارس الأمين لمصالحه والخادم المخلص لأطماعه...الرجل يريق ماء وجهه وكل الوجوه التي تصطف خلفه ، في مسعى يائس للحصول على لفتة...طرق أبواب زميلة "الخالع" في روما فوجدها مغلقة...الآن استدار نحو فرنسا علّها تفلح في تخفيف دوائر الحصار المضروبة حول عنقه ، ولها بعد ذلك ما شاءت من خدمات وعقود وتسهيلات وأعطيات...لها أن تحكم ليبيا تحت مسمى الجماهيرية ، وسيكون رهن إشارة من بنان ساركوزي...الرجل يتوسل ويتسول ، وهو في وضعية من يقبل بتقبيل الأيدي والأرجل ، لقد جعل من نفسه "خرقة بالية" ، المهم أن يبقى في السلطة ، المهم ألا تطويه نيران الانتفاضة الشعبية الباسلة.

هذا هو مصير القذافي ومن هم على شاكلته ، من زعماء قضوا أعمارهم في إسترضاء "الآخر" ، أي "آخر" طالما كان مقتدراً ، حتى وإن تطلب ذلك "الدوس على رقاب شعوبهم" وتبديد أحلامها وثرواتها...هذه هي نهاية كل مريض ومتغطرس من طراز "عميد الملوك والرؤساء العرب"...وهذه هي أخيراً ، العظة والدرس لكل من مشى على درب "العقدة والعقيد" ، ونسي في ذروة الانتشاء بالسلطة والمال والجاه ، بأن الشعوب أيضاً ، تمهل ولا تهمل...وأن ساعة الحساب ، آتية لا ريب فيها ، وإن طالت الآجال واستطال الانتظار.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات