عن "الهيلمان" في أمانة عمان

أخيراً أنهت أمانة عمان عقد السيد جيري بوست الذي اشتهر بلقب "الخبير الكندي" والذي أمضى في عاصمتنا خمسة أعوام مشرفاً و"زعيماً" لما يعرف بالمخطط الشمولي عام 2025 ثم مديراً ومؤسساً لمعهد عمان للتنمية الحضرية.
يكفي للتدليل على خبرة هذا الخبير أنه وضع مخططاً لعمان على أساس أن عدد سكانها سيبلغ عام 2025 ستة ملايين ونصف المليون نسمة, بينما في أكثر التوقعات تشاؤماً (أو تفاؤلاً) لن يتجاوز هذا العدد أربعة ملايين ونصف. وهو ما دفع أحد الموظفين الدوليين (البنك الدولي) للتهكم بقوله إن صحة أرقام المخطط الشمولي لعمان تستدعي حصول ما بين ثلاثة إلى أربعة حروب في المنطقة المحيطة بالأردن تدفع بالنازحين إليه بما يزيد عدد سكان عاصمته. أترون مستوى خبرة الخبير? إنه يخطط لمدينة بعدد سكان يزيد بأكثر من 50% مما سيحصل في الواقع.
شاءت الصدف أن أحضر جلسة تم فيها عرض للمخطط الشمولي, وشاهدت بعيني (التي سيأكلها الدود) ارتباك "الخبير" عندما سأله مندوب دائرة الإحصاءات العامة المشارك في الجلسة عن مصدر الرقم, حينها تلفت يميناً وشمالاً ثم استنجد بإحدى السكرتيرات التي كانت تطبع وقائع الجلسة خلف جهاز كمبيوتر, فتمتمت هي الأخرى وقالت انهم وجدوا أمامهم عدة أرقام واختاروا هذا الرقم من بينها وقد عثروا عليه على موقع الكتروني يعود لإحدى منظمات الأمم المتحدة! حينها تدخل أمين عمان لمداراة ارتباك صديقه, وقال إن الأرقام ليست كل شيء, داعياً إلى مناقشة الأمور الهامة!
الكلام كثير, والتخبط في الأمانة ليس له حدود, والأزمات في المدينة تتوالد في كل المجالات, والتوتر يزداد في شتى أنحاء العاصمة, شرقها, جنوبها, ووسطها على وجه التحديد. وقد نكون على موعد مع كارثة مضافة في قطاع النقل العام, ليس فقط بسبب بعثرة مواقع ومجمعات النقل (وهي من توصيات الخبير), ولكن حتى في مشروع (الباص السريع) الذي بني على جهل بثقافة واحتياجات التنقل في العاصمة.
ما علينا..! لنعد إلى السيد جيري بوست الذي تصفه إحدى وثائق أمانة عمان بالكلمات التالية حرفياً: "إن جيري رجل شغوف بالهواء الطلق, كما أنه بستاني متحمس, ولا يحب شيئاً أكثر من تسديد ضربة خلفية ناجحة في لعبة تنس أرضي ساخنة".
أغلب الظن اليوم, أن على عاصمتنا أن تحسس خلفيتها جيداً, فقد أجرى السيد جيري ضربة خلفية ناجحة من تلك التي يحبها.0