وطني يوجعني

يبدو الأفق اليوم ملبدا بالغيوم، وينتابني شعور بالضيق لما آلت إليه أحوالنا في الآونة الأخيرة من توتر، وسط جو مشحون وحالة من الضياع تلم بكل شيء.
الشعور بالاختناق مرده حالة التصعيد والاصطفاف. والإحساس بالوجع والخوف، لم يأت من فراغ بل من ضبابية المشهد الذي يقودنا إلى المجهول.
وأجدني وسط هذا التلاطم أصاب بألم من نوع جديد، هو وجع الوطن الذي تؤلمني فرقة ألمت به وأخذت تضرب المجتمع في أساسه، نتيجة الاصطفاف الإقليمي والجهوي في الشارع، وتنامي شعور القلق والريبة من مستقبل لا ندري ما يخبئ لنا، جراء قرارات غير مدروسة تلجأ للترهيب والتشكيك بالآخر.
سياسيا؛ لا يبدو الوضع على ما يرام وتشي المعطيات أن مركب الوطن يبحر في غياهب أمواج متلاطمة، وفوضى ليست خلاقة تجعل جميع السيناريوهات قائمة ومفتوحة على ما هو أسوأ.
ويسوء الحال حينما ندرك أن أدوات الحل الموجودة اليوم لم تعد تجدي.
وطني يؤلمني لأن فيه جراحا نازفة تهدر في روحه وتقض مضاجع ناسه الذين تعبوا في الحديث عن الفساد الذي التهم مقدرات الوطن، وسط شعور دافعي الضرائب بغبن شديد بسبب عدم رضاهم عن مستوى الخدمات المقدمة لهم من صحة وتعليم وبنى تحتية، يعلمون تماما أنها لا تتناسب مع معدلات الضريبة التي يدفعونها.
وطني يوجعني لأن الواسطة والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص وتوريث المواقع وصكوك الغفران أغضبت الناس وجعلتهم يدركون أنهم ليسوا سواسية، ويفهمون أنهم متساوون في الواجبات لكنهم بالتأكيد ليسوا متساوين في الحقوق.
وطني يوجعني لأن الجوع عض الناس وصرت ترى سيدة ورجلا صباحا يبحثان في حاوية النفايات عن لقمة عيش أو خردة يبيعانها لتحصيل رزق العيال.
وطني يوجعني لأن البطالة أحبطت شبابه وملأت وقتهم باللاشيء إلا الشكوى من واقع صعب وشعور بالتهميش وعدم الرضا عن انفسهم، حينما شهدوا بأم أعينهم غيرهم ممن اثروا بلا تعب.
وطني يوجعني لأن النساء فيه ما يزلن مهمشات، ومنقوصات الحقوق جراء قيم اجتماعية بالية، جعلتهن اليوم خاملات اقتصاديا وقدراتهن معطلة بانتظار فرصة.
علاج آلام الوطن بانتظار وصفة مختلفة ودواء جديد لم يستخدم من قبل، لتبرأ الجراح ويستعيد الوطن عافيته التي فقدها.(الغد)