سقط غولدستون وبقي تقريره

تم نشره الثلاثاء 05 نيسان / أبريل 2011 01:39 صباحاً
سقط غولدستون وبقي تقريره
عريب الرنتاوي

 
 

 

من الآن وصاعداً، سيكون القاضي غولدستون شريكاً في جرائم الحرب الإسرائيلية التالية على قطاع غزة، فقد برّأ الرجل ساحة إسرائيل من جرائم حربها السابقة، وقدم عبر «الواشنطن بوست»، «إعتذارية» مخجلة بحقه ومسيئة لسجله المهني، لمجرمي الحرب من ساسة إسرائيل وجنرالاتها...وأعطى ضوءا أخضر لجرائم لاحقة ضد المدنيين، ودائما بذريعة محاربة الإرهاب ومطاردة الإرهابيين اللائذين بالمدنيين والمناطق المأهولة.

سياسياً، إسرائيل «طبلت وزمرت» للمقال / الاعتذار، من رئيس الدولة الذي وصف «جيش قانا ومدارس الأونروا»، بأنه أكثر جيوش العالم «أخلاقية»، إلى الحكومة التي طالبت الأمم المتحدة بسحب التقرير، وصولاً إلى الناطق باسم الجيش أفيحاي درعي الذي تعهد بتكرار عمليات الرصاص المسكوب في غزة، حتى وإن قضى مدنيون في أثنائها، والأرجح أن «الشهية» الإسرائيلية للتدمير والتقتيل والترويع التي تضررت بفعل تقرير غولدستون وتداعياته، قد تلقت جرعة إنعاش علاجية في مقالة «الواشنطن بوست».

فلسطينياً، كان صدور التقرير – في حينه - سبباً لتعميق الانقسام، بعد الطريقة المخجلة التي تعاملت فيها السلطة معه في بادئ الأمر، والكيفية التي ردت بها حماس على ذلك...لكن ما أن أخذ التقرير مجراه في أروقة المنظمة الدولية، حتى انسحب من التداول والسجال الفلسطينيين الداخليين...اليوم ثمة حاجة لتوحيد الموقف والجهد الفلسطينيين من أجل انقاذ التقرير والحيلولة دون تحويل مقال «الواشنطن بوست»، إلى «قرار دولي» يقضي بالتراجع عن مضامين التقرير وتوصياته.

نحن نعرف حجم الضعوط والابتزاز والتهديد الذي تعرّض له القاضي غولدستون من إسرائيل اللوبي اليهودي وأذرعته وجالياته المنتشرة في أربع أرجاء الأرض...ولقد قرأنا وسمعنا قصصاً مروعة عن عمليات العزل والنبذ والإذلال التي تعرض لها الرجل، وللأسف من دون أن يتدخل أحدٌ من العرب والفلسطينيين لتدارك ما يمكن تداركه...لكننا مع ذلك لا نعتقد أنه كان حرياً بالقاضي غولدستون، ولا بمكانته ووظيفته، أن يخضع لهذه الضغوط ويذعن لذاك الابتزاز...كان حرياً به أن يحترم مهنيته وأن يخلص للتفويض الذي مُنح له من قبل المنظمة الدولية.

لكن على أية حال، نحن ما زلنا أمام «مجرد مقالة صحفية»، صحيح أن لها تأثيراً معنوياً كبيراً، بيد أنها ما زالت رغم ذلك، «مقالة صحفية»...ولكي لا تنجح إسرائيل و»اللوبي إياه» في تحويلها إلى قرار دولي، فإن المطلوب أولاً، قيام السلطة وحماس والفصائل والمنظمة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الفلسطينية، بإطلاق أوسع حملة دولية لحماية التقرير وصد الهجوم الإسرائيلي المضاد.

والمطلوب ثانياً، من لجنة المتابعة العربية التي لم تجتمع في العامين الأخيرين إلا للضغط على السلطة والمنظمة وتسهيل تمرير قراراتها بخصوص التفاوض المباشر وغير المباشر، المطلوب من هذه اللجنة أن تجتمع مرة واحدة على شكل «خلية أزمة»، تبحث في السبل والوسائل الكفيلة بإسقاط المسعى الإسرائيلي لسحب تقرير غولدستون وتشويهه ونزع الصدقية والشرعية عنه...هذه معركة سياسية وإعلامية وحقوقية، يجب أن تخاض حتى النهاية، حتى لا تفلت إسرائيل من العقاب على جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها في غزة، والأهم حتى لا تتشجع إسرائيل على ارتكاب مزيد من هذه الجرائم مستقبلا.

ثمة عراقيل كبيرة ما زالت تعترض طريق إسرائيل للإنقاذ عنقها من مقصلة التقرير...وثمة فسحة من الوقت كافية لإسقاط المسعى الإسرائيلي شريطة أن تستغل على الشكل الأمثل...فالتقرير الذي حمل اسم غولدستون، هو تقرير دولي في نهاية المطاف، وليس وجهة نظر شخصية للقاضي المذكور...والتقرير الذي لعب القاضي دوراً مهما في إعداده، ومن موقعه كرئيس للجنة والفريق الذي أعده، إلا أنه – التقرير ثمرة جهد جماعي مشترك، لعدد كبير من القضاة والخبراء الذين أسهموا في إعداده أيضاً...هؤلاء يمكن أن يكونوا الآن، عرضة للابتزاز والتهديد الإسرائيلي / اليهودي، وقد نسمع قريباً مواقف لهم شبيهة بموقف غولدستون الإعتذاري، لذا يجب تدارك الأمر وقطع الطريق على مؤامرة الابتزاز الإسرائيلية، والعمل مع هؤلاء على إنقاذ سمعة التقرير وإعادة الاعتبار للعدالة الدولية، المطعون فيها أصلاً.

لا يجب بحال من الأحوال الانسحاب من «معركة غولدستون»، حتى وإن خسرنا واحدة من جولاتها...المطلوب الاستمرار في خوض المعارك حتى كسب الحرب ضد الاحتلال والعنصرية ودولة الإرهاب الرسمي المنظم...وإذا كنا قد أدرنا أولى معاركنا جول التقرير بطريقة سيئة في جنبف، فلا يجب أن نسمج لذلك بأن يتكرر في أي حال من الأحوال، ولا يجب أن نتعامل مع ملف على هذه الدرجة من الأهمية والخطورة، من منطلق تصفية الحسابات الفلسطينية الداخلية، وبأسلوب البازار بما فيه من مزايدات ومناقصات....يجب العمل لإنقاذ تقرير غولدستون من غولدستون ذاته.(الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات