على هامش قصة السلفيين والامن..!!
قبل أيام كنت امارس رياضة المشي التي الزمت نفسي بها منذ سنوات طويلة، وبينما كنت اتمشى داخل المدينة الرياضية كان هنالك اب ومعه مجموعة اطفال بنات واولاد بين سن الخامسة والعاشرة حسب تقديري وكانوا مندمجين في لعبة كرة القدم بشغف وسعادة الى ان مرت سيارة مسرعة فداست الكرة وفجرتها، فانتفض الاب بغضب عاصف، ووجه الشتائم لصاحب السيارة الذي توقف وهبط من سيارته وتوجه الى مؤخرتها وفتح صندوقها الخلفي، ووضعت يدي على قلبي وقلت في نفسي وقعت الواقعة وقدرت ان صاحب السيارة يفتش عن قنوة او قضيب حديد او مصلب فك البراغي او الجك وانه لا بد ان يكون فاقدا لاعصابه ردا على الشتيمة المقدمة، وتفاجأت به يخرج كرة قدم اصلية وثمينة من صندوق السيارة ويدفع بها للطفل الاكبر ويقول انا متأسف عمو وذلك وسط ذهول الاب الذي قرأت في انخطاف وجهه خجلا وارتباكا...الخ.
وللصدفة فان ذلك حدث في نفس اليوم الذي استخدم فيها غلاة السلفيين في الزرقاء الآلات الحادة والعصي والبلطات في الاعتداء بدون سبب على رجال الشرطة وهو ما احدث تعاطفا شعبيا مع رجال الامن الذين تعرضوا ل 83 اصابة بعضها حرجة ، واذا كان صحيحا ان غالبية شعبنا وكافة الشعوب العربية هي ضد التطرف الديني وضد القوى الظلامية المتحجرة، وهم اعداء للانتفاضة الجماهيرية الطليعية التي ترتكز على الحرية وحقوق المواطنة، لكن في كل الاحوال الناس مع المظلوم حتى لو كان ظلاميا، اي ضد استخدام القوة ضدهم ومواجهة الخطا بالخطأ، والمكسب الوحيد هو تنامي ثقة الناس في الامن بعد حادث وزارة الداخلية وتدخلاته السلبية..
في كل الاحوال ما يهمنا هو ألاّ تراق نقطة دم وألاّ يقتل احد عمدا او يؤذى فالامن مهمته حفظ حياة الناس وحياتهم وهذا ما اثبته في المواجهة مع السلفيين، وكنت شخصيا أتمنى لو أن الجهات المسؤولة استمرت في ضبط أعصابها ولم تستعجل في اعتقال 17 شخصا منهم مباشرة بعد المواجهة، فأنا مع التأني ومع تركهم يذوبون في هدومهم، كما يقول عامة الناس، وفي هذه المرحلة لا بد من سعة الصدر من قبل قوات الامن التي تتحمل مخرجات الارباك والتخبط الحكومي وما يترتب عليه من ردود فعل متشددة، وهو ما يشكل اعباء اضافية على الامن...
ما أتمناه ان نتذكر جميعا ان خصوصية التجربة الاردنية عنوانها الايمان حقاً بالاسرة الاردنية الواحدة، فنحن اسرة وعلينا ان نتذكر قول الرسول العظيم "ليس الشديد بالصرعة وانما الشديد الذي يمسك نفسه عند الغضب".. وعلى سبيل المثال: فأنا لا ارى اية حكمة في اعتقال شخص اسمه الطحاوي والذي تحدث بتطرف باسم السلفيين على احدى القنوات الفضائية المعنية بالاثارة، وبعد انتهاء حديثه للفضائية مباشرة تم اعتقاله، فما كان من تلك الفضائية الا ان جعلت من موضوعه وحديثه مادة متكررة على مدى 5 أيام، وهو ما لن يحدث لان ما قاله هو كلام سطحي وموتور وخارج سياق تفكير الناس الذين يهتمون بحقوقهم وكرامتهم وأوضاعهم المعيشية وحريتهم..
وختاماً، فقد أكون متأثرا بموقف صاحب السيارة الذي رد على الاساءة بالاحسان للاطفال وجبر خاطرهم بكرة قدم لم يحلموا بها، فكيف بذلك والدهم، مع الاعتراف انه لا يمكن لنا كلنا ان نكون مثل المذكور بالخير صاحب السيارة ولا بأخلاق المسيح عبر قوله عليه السلام: "بعد ضربك على خدك الايمن أدر له خدك الايسر"، لكن ما اتحدث عنه هو سياسة وما هو في الصالح العام في النهاية!!