ماذا يجري في ليبيا؟

لم يكن متوقعـاً أن يصمد القذافي كل هذه المدة ، وأن ينجـح في استرداد بعض المدن التي كسبتها الثـورة في أيامها الأولـى ، ولكن يجب أن لا ننسى أن لديه المال ومؤسسـة الدولة والمرتزقة وقـوة الاستمرار.
كاد القذافي أن يقضي على الثورة عندما استرد معظم المدن ووصلت كتائبه إلى مشـارف بنغازي ، لولا تدخل مجلس الأمن ، وفرض حظر جوي على ليبيا ، وقيام (الحلفاء) ثم حلف الأطلسي بتقديم غطاء جوي للثوار.
لكن الأمور تجمـدت منذ ذلك الحين ، فلم يحسم حلف الأطلسي الأمور لدرجة أخذت تثير تذمر المجلس المؤقت ، يكفي القول بأن إذاعات وتلفزيونات القـذافي ما زالت تعمل ليل نهـار ولم تتعرض للضرب والإسـكات مع أنها في متناول الطائرات لو شـاءت حسم المعركة.
هناك خلافات في الاجتهاد بين حلفـاء الأطلسي ، فليس هناك اتفـاق واضح على هدف العملية ، وهل يجب إسـقاط النظام لحساب الثوار أم مجـرد الحفـاظ على التوازن واستمرار الصراع بشكل كر وفـر.
يقول وزير فرنسي بأن الصراع سيطول ، أي أنه ليس هناك إرادة بالحسـم. ويقال أيضاً بوقف إطلاق النار من الجانبين ، وهـذا يمهد لتقسـيم ليبيا إلى دولة قذافية في الغرب عاصمتها طرابلس ، ودولة ثورية في الشرق عاصمتها بنغازي ، ذلك أن خطوط وقف إطلاق النار ستصبح الحـدود الفاصلة بين دولتين.
حماية المدنيين مجرد حجـة ، ذلك أن استمرار الصراع مـدة أطول هو الذي يعرض المدنيين للمزيد من الأخطار. يكفـي القول أن عدد القتلـى في مصراته تجـاوز الألف ، وأن أجدابيا خالية من السكان الذين تحولـوا إلى لاجئين في بنغازي.
من المبكر الحديث عن سـوء النية من طرف أميركا التي انسـحبت من العملية حتى لا يقال أنها تشـن حرباً على ثالث دولة إسلامية ، أو من طرف حلف الناتو الذي يفتقـر لخطة تحدد نهاية اللعبـة ولكن ، إذا استمرت العمليات بشكل يسـمح لكتائب القذافي أن تعمل بحرية فتحاصر المـدن وتنتقل من مدينـة إلى أخرى ، وإذا ظلت طرابلس تنعـم بالحياة الطبيعية في حيـن تعاني المدن الشرقية من فقـدان الماء والكهرباء والمواد التموينيـة ، فإن هناك مجالاً لإدانة حلف الأطلسي الذي يوشك على فقـدان مصداقيته ومبررات تدخله.(الراي)