سورية في العاصفة (2-2)

تم نشره الخميس 21st نيسان / أبريل 2011 02:17 صباحاً
سورية في العاصفة (2-2)
موفق محادين


من الاعتبارات الاخرى المهمة في المشهد السوري الراهن ما يتصل بثلاث استراتيجيات سورية وآفاقها, اولها جاءت على خلفية ملاحظة مفارقة لمسؤول عراقي سابق هو علي صالح السعدي حين قال انه ليس مسموحا دوليا لسلطة شيعية - علوية او سلطة سنية ان تحكم العراق وسورية في الوقت نفسه, فكيف اذا امتدت او تفاهمت هذه السلطة شرقا مع ايران وغربا مع لبنان او شمالا مع تركيا التي تضم عشرين مليون علوي...

وعندما وقع الاسد والبكر ميثاق التعاون بينهما للرد على كامب ديفيد والتكامل مع ايران والحركة الوطنية في لبنان سرعان ما تمت الاطاحة بخط العرض الجديد الذي شكل تهديدا غير مسبوق للمصالح الدولية الاجنبية خاصة الامريكية.

الاستراتيجية الثانية: بالاضافة لخطورة خط العرض المذكور وما انتهى اليه, دخلت سورية لعبة المثلثات في عهودها المختلفة وحافظت على هذه الاستراتيجية. ففي عهد البرجوازية الشامية السنية (القوتلي) ساهمت هذه البرجوازية في تشكيل اهم مثلث سياسي عربي هو المثلث السوري - المصري - السعودي الذي ظل صامدا حتى توقيع السادات على كامب ديفيد واختياره التحالف مع العدو الصهيوني.

وعندما فشلت دمشق في ترميم هذا التحالف في اعلان دمشق بعد ازمة الكويت والعدوان الثلاثيني على العراق.. اتاح لها صعود اردوغان في تركيا فرصة لبناء مثلث بديل سوري - تركي - ايراني اعاد الى الاذهان خط العرض السابق وما يشكله من تهديدات على المصالح الامريكية - الصهيونية وامتداداتها العربية.

الاستراتيجية الثالثة, ما يعرف باستراتيجية الدفاع خارج الاسوار وذلك انطلاقا من ادراك دمشق بانها في غياب مناخ عربي - دولي فاعل لا تستطيع تحمل اعباء حرب استنزاف طويلة مع العدو الصهيوني في الجولان. لذلك اتخذت هذه الاستراتيجية اشكالا موقعية لاستنزاف خصومها الصهاينة والاطلسيين من حولها.. ومن ذلك دعمها لحزب العمال الكردستاني في تركيا ايام سلطة الجنرالات هناك, ثم لحزب الله في لبنان وقبله المقاومة اللبنانية ثم لحركات المقاومة الفلسطينية. وقد ارتبطت هذه الاستراتيجية بادوات امنية اكثر منها سياسية مما انعكس على مجمل الادارة السورية.

وبالمحصلة, وايا كانت طبيعة السلطة السورية التي لا يختلف اداؤها المحلي عن اي سلطة عربية من حيث احتكار السلطة وسطوة الاجهزة الامنية وتغول جماعات الفساد وتكتيك الازاحة والدمج الشعبوي والتعالي على الجمهور ومطالب الحريات الديمقراطية واستخدام الرصاص الحي ضد المحتجين وسقوط عشرات الشهداء.. الخ فان الرياح التي تهب على سورية بقدر ما تحمل من مطالب شعبية مشروعة مثل مطالب اي شارع عربي بالحرية وتداول السلطة ومكافحة الفساد, والتحقيق في كل قطرة دم وشهيد.. الخ فانها تحمل ايضا سموما كثيرة تهدد الاستراتيجيات الثلاث التي تزعج الامريكان والعدو الصهيوني, كما تهدد مستقبل المقاومة اللبنانية والفلسطينية وتفتح الافاق على شرق الفوضى الامريكية الهدامة..

وبعيدا عن تهديدات السلطة بهذه الفوضى وبالمتطرفين.. الخ وبقدر ما تحمل العاصفة التي تهب على سورية من احتمالات مختلفة وخيارات بديلة ايجابية او سلبية فان اللحظة السياسية لا تحتمل مثل هذه المغامرة ولا بديل عن الاعتراف المتبادل وحوار كل الاطراف الحريصة على سورية. وتجنيبها الابتزاز الخارجي وما هو اسوأ من ذلك, كما يستدعي الامر بالتأكيد اعادة الاعتبار للادوات السياسية في مقاربة المصالح السورية السياسية.(العرب اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات