قطعان وعميان

تم نشره الثلاثاء 26 نيسان / أبريل 2011 01:18 صباحاً
قطعان وعميان
موفق محادين

في واحدة من دراسات عالم الاجتماع, تونيز, فان الفرق بين العبد العمومي الذي يبحث عن سيد يبجله صباح مساء بوصفه المتكرم المتفضل الذي لم تنجب النساء مثله, وبين المواطن الحر الذي لا يبجل احدا, هو الفرق بين الجماعات البشرية البدائية حتى لو كانت تعيش في مدن حديثة (يسميها جماعات القرود) وبين المجتمعات المدنية. فالاولى حيث تذوب وتغيب شخصية الفرد - الانسان المستقل في القطيع تحل محلها شخصية العبد العمومي الذي يظن نفسه حرا, وغالبا ما يعكس (نموذجا انثويا) رغم شاربه العريض وعنعناته, فيما تنتج المجتمعات المدنية شخصيات مستقلة لا تكترث بالزعيم..

وتتراوح مجاميع القطيع العمودية بين ثقافة قصيرة التيله (الزعيم الارضي) وبين ثقافة اعلى من ذلك, فيما تنسجم ثقافة المجتمعات المدنية (الافقية) بسبب طابعها التعددي الديمقراطي..

وكلما كانت مجاميع القطعان البشرية تعيش ضمن اقتصادات تابعة ذات جذور شبه رعوية وشبه زراعية, كلما كان ولاؤها اعمى وخطر على من حولها فيما يعرف, تارة بالازاحات البطركية (نحو السيد الفحل) وتارة بالعدوان التحويلي نحو خصوم السيد الذي يتعاملون معه كشخص عادي مثل بقية خلق الله..

ويلاحظ هنا ان شخصية العبد الذي يظن نفسه حرا شخصية مركبة من الساديه (الذي يتمتع بتعذيب نفسه) ومن المازوخيه الذي يتمتع بالتعذيب غير المرئي من قبل السيد له.

وليس بعيدا عن ذلك ما يعرف (بالشعوب الرجعية) مثل الشعوب السلافية الذين شكلوا في القرن التاسع عشر ما سماه ماركس بالقلاع الامامية للقيصرية الروسية.. ولقد شهد التاريخ حالات اخرى عديدة مشابهة كانت فيها السمة العامة لشعب بكامله هي سمة العبد العمومي الذي يلهج بالدعاء صباح مساء لولي نعمته ولا يبالي بالموت من اجل هذا السيد..

هذا عن القطعان والعبيد والبلطجية, اما عن العميان فالمقصود هنا الاوديبية المضادة (فقأ العيون العدواني) وليس الناجم عن الندم.. والمشترك بينهما ما يعرف بالقدر الاغريقي الذي لا راد له ولا سيما عند الظاهرة المضادة فيما يخص الرؤساء الفاسدين المستبدين الذي يفقدون البصر والبصيرة معا في ضوء بريق الخناجر والذهب.. ويظنون انهم في بروج مشيدة وان العقاب لن يطالهم ابدا ويقتلون ويسرقون بلا رقيب او حسيب, من دون ان يعرفوا او يلتفتوا مرة واحدة الى دروس التاريخ ومزابله التي انتهوا اليها سيدا سيدا, ودفنوا فيها مع عبيدهم, عبدا عبدا.(العرب اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات