البلطجة والعدوان التحويلي

تم نشره السبت 30 نيسان / أبريل 2011 02:10 صباحاً
البلطجة والعدوان التحويلي
موفق محادين


بصرف النظر عن التوظيفات المعروفة لظاهرة البلطجة والزعران عند كل قوى النظام العربي البوليسي الفاسد, فان هذه الظاهرة تحتاج للتمعن والقراءة في جذورها واسبابها بما هي شكل من اشكال العدوان التحويلي المعروف في علم النفس الاجتماعي, سواء في بُعدها الفردي او الجمعي ..

وهي ابتداء امتداد لحالة الكبت الجنسي والاجتماعي والتصريف والازاحة نحو العدوان في غياب شروط الإزاحة نحو الابداع في حقوق الادب والفنون المختلفة او نحو التسامي والتصعيد الروحي ..

وكما اظهرت الحالات العربية الاخيرة, فقد قامت قوى الفساد والاستبداد المتنفذة باستخدام هذه الظاهرة ضد المتظاهرين من الشبان العُزل المسالمين, وذلك بتغذية العدوان التحويلي المذكور في مدخلاته ومخرجاته وارتداداته النفسية والاجتماعية والسياسية.

ومن ابرز اشكال هذه التغذية اعادة انتاج ثقافة العنف السلبي بشقيها, الرمزي الايديولوجي, والعملي المباشر, فمن توظيف المناهج والمدارس والجامعات (العنف الرمزي) كما يلاحظ بورديو, الى توظيف ما يعرف بقاع المدينة ومدخلاته ومخرجاته المختلفة مثل مراكز الاحداث والسجون الجنائية وعوالم العصابات الاخرى حين تنتشر المخدرات والشذوذ واللواط ..... الخ.

وقد لا يلتفت كثيرون الى ان هذه الظاهرة هي ظاهرة عالمية واقدم من اكتشاف قوى البطش العربية الرسمية المأزومة لها, وهي ظاهرة مركبة, موضوعية نتاج النظام الرأسمالي وتهميشه لاطراف المدن والعالم وتحطيم الانسان وتحويله الى بضائع, وسياسية برسم التوظيف لهؤلاء (كاسرو الاضرابات) وسبق ان عالجها مفكرون مثل ماركوزه الامريكي في كتابع (الانسان ذو البعد الواحد) وفانون في (معذبو الارض) وكذلك في الادب الامريكي ميللر والفرنسي جان جينيه الذي كان هو نفسه شقيا ...

وبالمحصلة, فالبلطجية بقدر ما هم ادوات للعدوان والاذى وقمع حركات الاحتجاج الشعبية, فهم إما ضحايا ظروفهم العائلية والاجتماعية (الكبت, الفقر, الجهل) واما ضحايا (العنف الرمزي) الايديولوجي في المدارس والجامعات.

ولا يخفى على احد كيف وكم تحولت الجامعات الى ميادين ومختبرات لاعداد آلاف الطلبة واعادة انتاجهم كمشاريع بلطجية في المستقبل عبر سلسلة لا تنتهي من المشاجرات الجهوية الجماعية المبرمجة.

ولذلك بقدر ما تحتاج ظاهرة البلطجة الى محاسبة كل من انتجها وادارها, بقدر ما يجب معالجتها كظاهرة مرضية والتعامل مع المتورطين فيها كمرضى يحتاجون الى علاج نفسي واجتماعي, ناهيك عن ضرورة التحولات الاجتماعية الكبرى واجتثاث الفقر والجهل من جذورهما, وتوفير مناخات ديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية, على حد سواء ...(العرب اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات