لجنـة الحـوار الاقتصـادي

في الجلسة الافتتاحية التي عقدتهـا لجنة الحوار الاقتصادي يوم الخميس الماضي تكلـم مطولاً وزير الصناعة والتجارة ورئيس اللجنة الدكتـور هاني الملقي فاستعرض بإسهاب التحديات التي يواجههـا الاقتصاد الأردني في مجالات المالية العامة والطاقـة والمياه والسـوق المالي والاستثمار والتعليـم والبيئة التشريعية الناظمة للأعمال. كما أشار إلى الفرص التي يتميز بها الأردن عن غيره من دول المنطقة ، وسـّمى بعض القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تسـتحق التحفيز ، ولم يتجاهل المعوقات ، ثم أعطى خمس دقائق لكل من وزير المالية ، ووزير التخطيط ، ووزير الطاقة ، ومحافظ البنك المركزي لإلقاء الضوء على القطاعات الخاصة بهم.
يقتضي الإنصاف أن نعترف بأن وزراءنا متميزون كل في مجال اختصاصه ، وأنهم واعـون تماماً للتحديات التي تواجههم والفرص المتاحة أمامهم ، ولديهم أفكـار وخطط جاهزة للتعامل معها ، وعليهـم أن ينطلقوا في تنفيذ خططهم ورؤاهـم دون انتظار للاستماع إلى حوارات واجتهادات ونقاشات لا تنتهي ، وقد لا تسفر إلا عن عموميات تبدأ بكلمات مثل: إعادة النظر ، تفعيل ، تحديث ، تعزيز ، دعم ، تشـجيع ، تأكيد ، تحسـين إلى آخره.
الحكومة تسـتطيع أن تنطلق في عملية الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي دون أن تحيل هـذه القضايا من الباطن إلى لجان كبيـرة جداً تحتاج أسابيع وشهوراً لكي تتوصل إلى ما تعرفه الحكومة سلفاً.
ليست هذه أول مرة يجري فيها حوار اقتصادي لنفس الأهداف ، فالتوصيات السابقة التي صدرت في تشرين الثاني 2009 موجـودة ، والأخذ ببعضها يزيد بعض التحديات صعوبـة ، فالقطاعات الاقتصادية تطالب بالمزيد من الدعـم ، والإعفاءات الضريبية ، وتسهيل الإجراءات ، وزيادة الإنفـاق العام بحجـة التحفيز. والحكومات لم تقصر في هذه المجالات ، ولذلك ارتفع عجز الموازنة وتفاقمت المديونية واختلـت معظـم الموازين الاقتصادية ، وزادت الحاجـة لإصلاحات هيكلية وإجراءات جراحية صعبة.
وفي جميع الحالات فإن مثلي لا يجب أن يكون في لجنة الحوار الاقتصادي التي قد تتيح لي دقائـق معـدودة لإبداء الرأي في إحـدى اللجان الفرعية ، ولذلك اكتفيـت بحضور الجلسـة الافتتاحية فأنا أفضـّل دور الناقد المستقل ، وأبدي رأيي لمن يهمهم الأمر على أساس يومي ، وأتمنى للجنة الحـوار التوفيق في إعـادة اكتشاف ما نعرفه جميعاً وتعرفه الحكومة مثل أعضاء اللجنة أو أكثر قليلاً ، خاصة إذا كان قد ورد في توصيات سابقة أو في الأجندة الوطنية. (الراي)