دمـج المؤسسـات العامـة!

قرار مجلس الوزراء بشـأن إعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام جـاء كمفاجأة كبيـرة من حيث الحجم والشمول، فقد تم الإعلان عن سلسلة من عمليات دمـج المؤسسات ذات الوظائف المتشابهة وإلغاء المؤسسات التي اسـتنفدت أغراضها ولم يعـد هناك مبرر لاستمرارها.
هذه خبطـة إدارية وإعلامية من العيار الثقيل. لم تكن بالحسبان بالرغم من الحديث المتداول حـول ضرورة الدمج وإعادة الهيكلة، ولم يكد يمر يوم أو اثنين على إعلان هذه الثورة الإدارية حتى أعلنت الحكومة أن تنفيـذ القرار سيأخذ سـنتين ُيخشى أن يتم خلالها تغيير الحكومة ومجـيء حكومة أخرى قد يكون لها رأي آخر!.
يبـدو كأن المقصود بالتشـابه بين المؤسسات تقارب مدلولات أسـمائها، فالدخول في أعماق المهمات التي تقوم بها كل مؤسسـة ينفي التشابه الوظيفي، وليس هناك مؤسسـة تكرر مؤسسة أخـرى. وهيئـة الأوراق المالية مثلاً لا علاقـة لها بالتعامل في البورصات العالمية وهي الوظيفـة التي توفرها بنوك تجارية مرخصة.
وإذا كانت عمليات الدمج من الصعوبة بمكان، وتحتاج لبعض الوقت، فإن الإلغاء سـهل، ومع ذلك لم يتم إلغاء فوري لأية مؤسسة وإنما طرحت أسـماء بعض المؤسسات المرشحة للإلغاء لإعطاء مدرائها الوقت الكافي لحشـد المقاومة للتغيير حفاظاً على الامتيازات.
إلى جانب تحقيق العدالة بين موظفي الدولة فأن الهدف من الدمج والإلغاء توفير النفقات، بعد أن أصبحت هذه المؤسسات عبئاً مالياً على الخزينة بالمال والكفالات المصرفية التي تتحـول إلى التزامات تسـددها الخزينة، لكن الحكومة طمأنتنا بأن شـيئاً من ذلك لن يحصل، فالدمـج قد يعني إلغاء مؤسسـة ولكنه لا يعني إلغـاء وظيفة، فالموظفون باقون وسيتم توزيعهم على الوزارات والدوائر.
المهلـة التي أعطتها الحكومة لنفسـها لتنفيـذ قرار إعادة الهيكلة طويلة بشكل يسمح بالالتفاف على العملية وعرقلتها، فلماذا لا يتم تنفيـذ البرنامج في وقت واحد خلال أسابيع، خاصة وأن مسؤولية التنفيـذ أنيطت بجهات مختلفة ليست مطالبة بأن تنتظر إحـداها الأخرى.
المؤسسات المستقلة جاءت لتهميش دور وصلاحيات الحكومـة المركزية، فما كانت وزارة الصناعة والتجارة تمارسه أصبح من اختصاص عـدة هيئات مسـتقلة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالاتصالات أو النقل، وإلغاء بعضها لا يكلف سـوى إعادتها إلى الأصل. ( الراي )