السكك الحديدية وتجميل المديونية

بالرغم من اتضاح الحقائق حـول مشروع الربط السـككي، فما زال بعض المسؤولين يروجون للمشروع وكأنه قـدر لا يرد، وآخرها محاولة إقناع النواب بجدوى المشروع.
المحاولة مسـتمرة لتجميل المشروع، فإذا قال البنـك الإسلامي للتنميـة أنه سيساعد في مفاوضة الممولين لجمع مبلغ خمسـة مليارات من الدولارات، رد وزير التخطيـط بأن الكلفة أقل ولكنـه يعترف بأن كلفة البنيـة التحتية وحدها تبلغ 2ر2 مليار دينار أو 1ر3 مليار دولار.
في مجال تدبير التمويل كما ورد على لسـان وزير النقل لم يذكـر كلمة اقتراض أو اسـتدانة، فالجهات ذات العلاقة (ستغطي) ثلثي كلفـة المشروع. فما هي هذه (التغطية) إذا لم تكن قيام الحكومة باقتراض مليارات الدولارات لإقامة مشروع يعترف الوزير بأن إيراداته لا تكفي لدفع أقسـاط وفوائد الديون، ولـذا فإنها أي الحكومة تتطوع بالإسـهام بمبلغ 300 مليون دينار في رأسمال المشروع، لتحصل على عائد سـالب قدره 600 مليون دينار تقدمها الحكومة لمدة عشر سـنوات كدعم لتغطية الخسائر.
المشروع جـذاب للغاية من وجهة نظر الموردين والمقاولين والدائنين لدرجة أن عشـر جهات أبدت رغبة في التنفيـذ، و12 جهة أبـدت قابلية للتمويل، ولكن كل هذه الجهات لا تأخذ مخاطر المشروع على عاتقها بل على كاهل الحكومة.
جهات التمويل لا تقرض المشروع ولا تنتظر منه أن يسـدد ديونه، بل تقرض الحكومة الأردنية، مما يرفع المديونية إلى درجة الخطر.
البنك الإسلامي للتنمية يسـعى لحشـد التمويل اللازم للمشروع والبالغ خمسـة مليارات من الدولارات، فهل اعتمد على إيرادات المشـروع لاسترداد أمواله، أم أنه يعتمد على الخزينـة الأردنية كأي دائن مكفـول.
مشروع السكك الحديديـة غير مجد في مجال نقل الركاب، وغير مجد لشـحن البضائع إذا لم يكن مرتبطاً مع العراق الذي لم يلتزم بأكثـر من دراسة المشروع، فهو يعمـل للربط السككي مع إيران.
شبكة السكك الحديديـة لا تلبي حاجـة أردنية بل تربـط تركيا وسوريا بأسـواق الخليج العربي عبر الأراضي الأردنية، وعلى المستفيدين منه شـمالاً وجنوباً أن يتحملوا تكاليف إنشـائه.
المشاريع الكبرى كالمفاعلات النووية والسكك الحديدية والحافلات سـريعة التردد مصائب يراد فرضها على البلد لكي ينوء تحت نير المديونية.