قياس المسؤولية عن المديونية

مع اسـتثناءات محـدودة، فإن تغيير الحكومات في بلدنا يحدث عادة في أواخر السنة عندما تكون الموازنة العامة جاهزة، مما يعني أن على الحكومة الجديدة أن تطبق موازنـة وضعتها حكومـة سابقة.
هذا الواقع لا يشكل مشكلة جوهـرية لأن الحكومات لا تتقيـد بأرقام الموازنة، فهي قـادرة على تجاوزها بإصدار ملاحق أو بدونهـا، فالموازنة العامة وإن كانت تصدر بقانون يستوفي جميع المراحل الدسـتورية إلا أنها ليست في نظر الحكومات سوى موازنة تقديرية أو تأشـيرية غير ملزمة.
عجـز الموازنة لا يصلح لقياس مسؤولية الحكومات المتعاقبة وحسن أو سوء إدارتها المالية، ذلك أن وزير مالية لديه إلمام بالمحاسبة يسـتطيع تغيير الصورة كما يشاء، ونقل نفقـات أو إيرادات من سـنة إلى أخرى بالشكل الذي يخدم الغرض الإعلامي.
من المعتاد أن يقـوم وزير المالية الذي يتسـلم منصبه في الشهر الأخير من السنة بتسـديد جميع المطالبات المستحقة قبل نهاية الشهر لتدخل في حسابات السـنة السابقة، وتبدأ الحكومة الجديـدة على نظافة مما يسمح لها بزيادة عجـز السنة الماضية وتخفيض عجـز السنة القادمة بشكل يحسّـن المقارنة وُيظهر إنجـازاً قد لا يكون مسـتحقاً.
على ضوء هـذه الحقائق فإن توزيع المسؤولية المالية بين الحكومات لا يقاس بعجز الموازنة بل بالتغير في حجـم المديونية، ولولا أساليب المحاسبة الخلاقة لما كان هناك فرق يذكر بين عجـز الموازنة وارتفاع صافي المديونية، ولكن المحاسبة الخلاقة يمكن أن تؤثر على حجـم العجز ولا تستطيع التأثير على حجـم المديونية.
بمقياس عجز الموازنة يستطيع وزير المالية القول أنه استطاع تخفيض عجـز الموازنة في 2010 بمقدار 460 مليون دينار، وبذلك استحق لقب أفضل وزير مالية في البلـدان النامية.
أما بمقياس ارتفاع المديونية فإن سـنة 2010 قد تكون أسـوأ سـنة مالية في تاريخ الأردن، حيث ارتفعت المديونيـة الكلية خلالها بمقدار 8ر1 مليار دينار مقابل ارتفاعها 1ر1 مليار دينار في 2009. وباستبعاد المؤسسات ذات الموازنات المستقلة، تكون مديونية الخزينة المباشرة قد ارتفعت في 2010 بمقدار 1450 مليون دينار مقابل 1166 مليون دينار في 2009.
الارتفاع القياسي غير المسبوق للمديونية في 2010 قـد يتم تجاوزه في 2011، بالرغم مما ورد في قانون الموازنة وتوصيات مجلس النواب. ( الراي )