الربيع العربي في مـــأزق

ستة شهور انقضت على انطلاق قطار الربيع العربي الراهن فهل يتوقف بعد عبور محطتين فقط ، مع أن المسار أمامه طويل ومتعدد المحطات؟.
خلال أيام معدودة ، رحل زين العابدين بن علي من تونس ، وخلال أيام معدودة بعد ذلك رحل حسني مبارك من القاهرة ، وبدا أن المسلسل سيتواصل فيما سمي بالربيع العربي وأثار إعجاب العالم.
عندما هبت رياح الديمقراطية على العالم قبل ربع قرن ، فاكتسحت جدار برلين ، ثم أسقطت الاتحاد السوفييتي والأنظمة الشمولية ، لم تستطع الديمقراطية أن تقتحم الوطن العربي ، الذي أبدى ممانعة قوية ضد رياح الديمقراطية فوقفت عند الحدود.
قبل ستة أشهر تم في تونس فتح ثغرة في سور برلين العربي ، وانتقل الزخم من تونس إلى القاهرة ، وانطلقت بعد ذلك تحركات شعبية قوية في ليبيا واليمن وسوريا ولكن بدون نتائج إيجابية حتى الآن.
في البحرين أخذ الحراك الشعبي طابعاً طائفياً ، وبرزت أصابع إيران ، وبالنتيجة تم مواجهة التحرك بدعم عربي صريح.
وفي ليبيا كادت الثورة أن تنتهي تحت وقع الهجوم المعاكس لكتائب القذافي ، التي وصلت إلى مشارف بنغازي ، عندما تدخل حلف الأطلسي بغطاء عربي ودولي ، ولم يستطع حتى الآن إخراج القذافي من خندقه.
وفي اليمن وفي سوريا فوجئ المراقبون لقوة صمود الأنظمة الحاكمة أمام الثورة الشعبية ، باستخدام آلية الدولة ، وخاصة القوات المسلحة ، التي حافظت على ولائها للنظام خلافاً لما حدث في كل من تونس ومصر ، حيث حسمت القوات المسلحة أمرها إلى جانب الثورة وأسقطت الدكتاتور.
اتضح الآن أن الأنظمة العربية الاستبدادية ليست كرتونية ، وأنها تملك قوى رسمية وشعبية لا يستهان بها ، وإذا كانت الثورة تنظم مسيرة كبرى في ميدان ما فإن (الدولة) قادرة على حشد مسيرة مماثلة في ميدان آخر.
الثورة الشعبية في تونس ومصر وفرت المناخ الملائم لانقلابين عسكريين ، فلم تأخذ وقتاً طويلاً. في البلدان الأخرى اقتصرت قوة الثورة على الشارع الذي قلما ينجح في مواجهة نظام متجذر مصمم على البقاء بأي ثمن.
عند التأريخ للحراك والعنفوان الشعبي العربي في العصر الحديث لا بد من الوقوف عند الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي ، والمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي ، وثورة الأرز ضد الوجود السوري. ( الراي )