أيهما المنفى وأيهما الملكوت؟!

تم نشره الأربعاء 22nd حزيران / يونيو 2011 12:30 صباحاً
أيهما المنفى وأيهما الملكوت؟!
خيري منصور

قد يشعر للحظات من لا يتعاملون مع الانترنت والفيس بوك بأنهم منفيون عن هذا العالم، وبالمقابل قد يشعر من يعيش في عالم افتراضي بأنهم منفيون عن الواقع الحي، ولم يحدث من قبل ان ادى انجاز تكنولوجي في مجال التواصل الى نتائج كالتي نشهدها الآن، ومؤخرا أدرج الاطباء النفسيون مرضا جديدا من امراض الكآبة سموه كآبة العالم الافتراضي, وقد يدرجون بعد قليل مرضا آخر من سلالة الكآبة في خانة اخرى تضم هؤلاء الذين يعيشون خارج الانترنت، ويصرون على ملامسة العشب بأصابعهم وعصر الليمونة بأيديهم والكتابة بأقلامهم ولقراء لا يعرفونهم! فأيهما المنفى وأيهما الملكوت؟؟

انها ثنائية خالدة ومتحركة وتأخذ في كل عصر شكلاً أو تجلياً مغايراً يتناغم مع هذا العصر.. فذات يوم كان مفهوم المنفى حكراً على الجغرافيا بحيث يسمى من يعيش خارج مسقط رأسه منفياً، لكن الدنيا تغيرت وأصبح هناك عدد من المنافي خارج مدار الجغرافيا ومساقط الرؤوس، فمن يغترب بوعيه عن الوسط الذي يعيش فيه يشعر بالاغتراب والنفي، وهناك من لديهم وعي بالمنفى التاريخي لأنهم يشعرون بأنهم تورطوا بالولادة قبل أو بعد الموعد الذي حلموا به.

وأضاف الشعراء والفلاسفة بعداً آخر للمنفى ربما كان الشاعر مالارميه أفضل من جسده بقصيدة عن انسان مريض، يعالج في مصح على أحد الجبال، ويصغي في حجرته الصامتة الى أصداء صراخ اطفال يلعبون أو مارة.. هذا المريض هو الانسان في كل زمان ومكان والأصوات التي تصل اليه في عزلته هي أصوات الحياة الابدية.. وبهذا المعنى نصبح كلنا منفيين، لأن الملكوت المضاد للنفي هو زمن آخر غير هذا الزمن وتقاويمه التي تقضم أيامنا!

وحين يقال الآن ان الفيس بوك هو الذي أحدث كل هذا الحراك فإن الخطأ مزدوج لانه مجرد أداة.. ففي الثورات التي عصفت بالعالم بدءا من الثورة الفرنسية والامريكية مرورا بثورات العرب سواء في ثورة العشرين العراقية او عام 1919 المصرية او يوليو وما اعقبها لم يكن هناك سوى المنشور المخطوط باليد او الالة الطابعة في طورها البدائي.

وثورة شباب العالم في شهر مايو عام 1968 والتي غيرت مناخات ومفاهيم كان لها ادواتها، فالتواصل من الحمام الزاجل الى الفيس بوك هو ادوات وليس مولدا لافكار ومفاهيم، وما ينتجه العقل البشري لا يحل مكانه بل هو في نهاية المطاف اداته واحيانا مطيته لبلوغ هدف ما!

لهذا يخطئ من يصدق انه منفي لانه ليس مشمولا برعاية الاحصاء الديمغرافي للعالم الافتراضي، كما يخطئ سكان العالم الافتراضي اذا صدقوا بانهم الملكوت وان غيرهم هم المنفيون!

ان اطرف ما قرأته حول دور التكنولوجيا في الحلول مكان الدماغ والقلب، هو عن نمط من الموسيقى والاشعار اليابانية التي تولت التكنولوجيا ابداعها.

فقد تم اهمالها والاقلاع عنها لسبب لا يخطر ببال احد، هو خلوها من الاخطاء البشرية الحميدة ومن نبض التردد!

فايهما المنفى.. وايهما الملكوت؟!
( الدستور )
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات