صديق لا يعرفني

على عكس ما يعتقد زملاء واصدقاء فلست سياسيا استخدم ادوات نظرية بل احاول مقاربة السياسة من خلال الادوات النظرية والفكرية مما يجيب على سؤال مفاجئ من صديق من انت وكيف تجمع بين عبدالناصر وانطون سعادة والسيد كارل ماركس وتقيم تحالفات مع الاسلاميين.
1- ابتداء فان هذا السؤال لا يطرح في لبنان او سورية او مصر او تونس وغيرها من البلدان المعروفة بالحراك الثقافي والمعرفي اما مصدره فيعود الى غياب المنطق الجدلي (وحدة وصراع الافكار) لصالح ما يعرف بالمنطق الصوري والثنائيات الميكانيكية (ابيض, اسود, خير, شر... الخ) اي الميكانيك مقابل الديالكتيك....
2- حسب المنطق المذكور كيف يكون المرء عروبيا واشتراكيا علميا في الوقت نفسه وكيف يدعو لوحده البلاد الشامية المنسوبة الى انطون سعادة, مؤسس القوميين السوريين فحسب هذا المنطق ثمة شوربة او كوكتيل ايديولوجيات.
بالنسبة لي قلت واكرر انا قومي عربي اشتراكي شديد الايمان بوحدة العرب المحيط الى الخليج وارى في الوقت نفسه ان سوريا التاريخية كما حددها انطون سعادة هي قلب هذا المشروع مثلما ان مصر هي رافعته.
2- ثمة حاجة للتمييز هنا بين ثلاثة مستويات المستوى النظري والمستوى الايديولوجي والمستوى السياسي. فالامة ووحدتها مشروع سياسي تاريخي, فيما الاشتراكية العلمية اداة نظرية- فكرية برسم التوظيف من كل شعوب وامم الارض. وبين العمل السياسي والعمل الفكري دليل عمل ثالث هو الايديولوجيا (الاشتباك والتواصل النظري مع الواقع).
3- يضاف الى ذلك ثلاثة مستويات للعمل السياسي نفسه, هي مستويات للعمل السياسي نفسه, هي مستويات التناقض او الصراع مع التحديات المذكورة: التناقض الاساسي, الذي تشتق منه كل التناقضات, والتناقضات الرئيسية (المرحلية) والتناقضات الثانوية.
وحيث يرتبط الاول بحركة الامة عموما, فان مشروع انطون سعادة, هو الصورة الممكنة الملموسة تاريخيا للتناقض الثاني, الرئيسي.
4- ثمة امة, هي امة العرب, وثمة رافعة لنهضتها هي مصر, وثمة قلب لها هو سوريا التاريخية, وثمة اداة نظرية لمقاربة كل ذلك هي الاشتراكية.
وبهذا المعنى فانا قومي عربي ناصري من جهة, ومتورط في تعريب انطون سعادة, من جهة ثانية, واشتراكي علمي (اممي) من جهة ثالثة, وبوسع الاسلامي او الليبرالي ان يقول عن نفسه كلاما قريبا, فيقول مثلا, انا عربي انطلاقا من وحدة بلاد الشام لكن باداة نظرية مختلفة هي الاسلام او الليبرالية وهكذا بشرط واحد هو ان يلحظ ان (اسرائيل) وجدت لضرب فكرة الامة انطلاقا من جناحيها (سوريا الكبرى) ومصر, الامر الذي يفسر تمزيق سورية الطبيعية الى اربعة كيانات وضرب مشروع اتحاد مصر, سورية 1958 وتسويق هويات كيانية مريضة جديدة ضد الهوية العربية العامة, وضد الهوية الشامية الخاصة. ( العرب اليوم )