فلسفة تثبيت الأسعار

إذا رفعت الحكومة الأسعار المحلية للمحروقات على ضوء ارتفاعها في السوق العالمية فالشعب هو الذي سيدفع فرق الأسعار. هذه حقيقة مفهومة يعرفها كل الناس ولذلك تتردد الحكومة في اتخاذها لأنها ستعتبر شعبياً تكليفاً للناس بالرغم من أوضاعهم الصعبة وخاصة في الظروف الراهنة.
وإذا لم ترفع الحكومة سعر المحروقات، واستمر بيعها في السوق المحلية بأقل من الكلفة، فالشعب هو الذي سيدفع فرق الأسعار، ولكن بطريقة أخرى غير منظورة. هذه حقيقة غير مفهومة، لا تعرفها الأكثرية ولذلك تلجأ الحكومة إليها، لأن تثبيت الأسعار محلياً بالرغم من ارتفاعها عالمياً سيعتبر إجراءً شعبياً ودعماً للناس مراعاة لأوضاعهم الصعبة.
في الحالتين يتحمل البلد ككل عبء ارتفاع كلفة البترول المستورد، ولكن هناك فرقاً واحداً بين الحالتين هو أن فروقات الأسعار التي لا بد من دفعها يتحملها في حالة رفع الأسعار مستهلكو المحروقات كل بقدر استهلاكه، ولذلك يحاولون تخفيض استهلاكهم مما يخفّض فاتورة استيراد النفط، وفي هذه الحالة يتحمل الأغنياء وكبار المستهلكين ثلاثة أرباع العبء، وهم قادرون على ذلك. وهناك وسائل لحماية الفقراء الذين يستهلكون الحد الأدنى.
أما في حالة عدم رفع الأسعار، فإن كل الناس سيتحملون العبء ولكن بشكل غير مرئي، مثل مزيد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، أو التضخم وانخفاض القوة الشرائية للدينار، أو تضخم المديونية وهي عبء على دافع الضرائب قابل للترحيل إلى أمام.
عندما يرتفع سعر البترول في السوق العالمية فإن الأردن مضطر لدفع فرق الأسعار، المشكلة في توزيع أعباء هذا الفرق، وهل يكون مباشراً وعادلاً ويتناسب مع حجم الاستهلاك أم عاماً بصرف النظر عن الاستهلاك أي عن طريق الخزينة التي هي جيوب المواطنين -جميع المواطنين.
في بلاد العالم لا تكتفي الحكومة بتحميل مستهلك البترول كلفة فروقات الأسعار على أساس يومي، بل يضيفون إلهيا ضريبة الكربون كحافز إضافي لتخفيض استهلاك الطاقة المستوردة.
الأسعار المحلية للمحروقات وغير المحروقات، إذا كانت مستوردة، يجب أن تعكس الأسعار العالمية، وإذا كانت البلدان المصدرة للنفط تستطيع تثبيت السعر المحلي لمواطنيها، فإن الأردن غير قادر على ذلك، فالتثبيت سوء إدارة ونوع من الظلم. ( الراي )