إسـرائيل والربيـع العربـي

ما سـمي بالربيع العربي هو سلسـلة من الثورات ضد الفساد والاسـتبداد وطلباً للديمقراطية والكرامة الوطنية. ولم تظهر على أجندته قضية الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي بشكل صريح واضح ومباشر.
مع ذلك فإن إسـرائيل مرعوبة مما يحـدث في الوطن العربي. ومع أن ماكينتها الإعلامية تريد إقناع العالم بأن الشعارات التي رفعتها الثورات العربية تدل على أن موضوع فلسطين لم يعد القضية الأساسية في الشرق الأوسـط التي يظن العالم بأن لحلها أولية.
إلا أنه في واقع الحال أن إسرائيل تجد نفسـها في حالة عـدم تيقن تهدد اسـتقرارها ومسـتقبلها على مستوى استراتيجي بشكل لم تعرفـه من قبل، ولم تكن تتوقعه، فهي تتخوف من إنتاج جيل جـديد من الأنظمة العربية التي تعكس الرأي العام العربي وموقفه الحقيقي من إسـرائيل.
الشعب الفلسطيني الصامد في الضفة والقطاع كان قد سبق الربيع العربي عندما تحرك تحت اسم الانتفاضة، والتي قضـّت مضاجع حكام إسرائيل، وألغت التقادم على الاحتلال، وحظيت بتجاوب شعبي عربي ودولي واسـع.
كما أن لبنان كان له ربيعه تحت عنوان ثـورة الأرز التي أنهت الوجود السوري على أراضيه.
في جميع الحالات لم تقـم الثورات العربية لأسـباب اجتماعية كالفقـر والبطالة بل لأسباب سياسية واقتصادية، فالديمقراطية والحرية حقان غير قابلين للتصرف. والفساد إهانة للشعب، فضلاً عن تداعياته ووقوع تحت رحمة المانحين والدائنين.
في عموده في صحيفة نيويورك تايمز يقول توماس فريدمان أن الانتفاضة العربية كانت حتمية تاريخية لا بد من حصولها ولكنها تأخرت كثيراً. والمقصود أن الظروف والأسباب كانت متوفرة تماماً بانتظار السبب المباشر أو الشرارة التي تشـعل النار، أما التأخير فواضح من كـون رياح الديمقراطية غطـت العالم قبل ربع قرن دون أن يسمح لها بعبور الحـدود العربية.
في السابق كانت الانقلابات التي تسمي نفسـها ثورات تحصل في يـوم واحد، وتعلن في بيان رقم (1)، ولم تحقق سوى الاستبداد والدكتاتورية والقضاء على الحرية والديمقراطيـة لحساب أنظمة حكم شمولية تتمتع بأصوات إعلامية مرتفعة وشـعارات قوية رنانـة، وتكمـن وراءها هياكل كرتونيـة تنهـار في ستة أيام.
( الراي )