ماذا بعد الحوار الاقتصادي؟

ثلاث لجان موسعة كانت تعمل في وقت واحد لرسم خارطة طريق للإصلاح السياسي وتعديل الدستور ومواجهة التحديات الاقتصادية. وقد فرغت لجنة الحوار الاقتصادي من عملها خلال عشرة أيام ، وأصدرت أطول تقرير وأقله تأثيراً على السياسة العامة.
مئات التوصيات الصغيرة صدرت ولم تكد تأتي بجديد ، أو تغير سياسة مقررة أو تعكس توجهات معلناً عنها. وليس أدل على ذلك من أن الكلمة الأولى في كل توصية تدل بوضوح على أنه لا جديد.
هناك 14 توصية للإسراع في ..... أي أن هناك عملاً تقوم به الحكومة والمطلوب الإسراع فيه. وهناك 11 توصية تطالب بتطوير ..... أي أن المطلوب موجود ولكن يراد تحسينه. وهناك 12 توصية تبدأ بكلمة تشجيع .... أي أن هناك نشاطاً موجوداً وكل المطلوب تشجيعه (كيف)؟.
عشرات التوصيات تبدأ بكلمات مثل: تحفيز ، تأكيد ، تفعيل ، دراسة ، إعادة النظر ، دعم ، إلى آخره ، وكلها تشير إلى سياسات وقرارات وممارسة موجودة ومعمول بها ، ولكن اللجنة وجدت من المفيد أن تدعمها وتؤكد عليها.
لكن ماذا عن التحديات الحقيقية التي تواجه الاقتصاد الأردني ولا تعرف الحكومة ماذا تستطيع أن تفعل إزاءها وكيف ، مثل عجز الموازنة المتفاقم ، وحجم المديونية المتزايد ، وعجز الميزان التجاري والحساب الجاري لميزان المدفوعات ، ونسبة النمو الاقتصادي المتدنية ، واحتمالات التضخم في ظل الركود أي التضخم الاختناقي ، وعدم كفاية موارد المياه ، بل ما هي ملامح واتجاهات الإصلاح الاقتصادي المطلوب.
الاقتراحات الصغيرة التي أطلقتها لجنة الحوار الاقتصادي بالعشرات جيدة إجمالاً ، ومعظمها لا يثير خلافاً ، ولكنها لا تعطي الحكومة أدوات جديدة ، ولا ترشدها إلى أولويات معينة ، ولا توفر لها غطاء لاتخاذ قرارات صعبة وإن كانت ضرورية ، بل إن أفضل المشاركات والإسهامات في اللجنة جاءت من الوزراء الخمسة عشر الذين شاركوا في الحوار ، إلى جانب محافظ البنك المركزي ومدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي ، أي أن ممثلي القطاع العام كانوا سابقين لرجال الأعمال والاقتصاديين في مجال الأفكار .
أما وقد صدرت توصيات لجنة الحوار الاقتصادي ، ووجدت الحكومة نفسها ليست وراء المتحاورين بل معهم وأحياناً أمامهم ، ماذا هي فاعلة؟. ( الراي )