تعديل "تكتيكي" لمرحلة استراتيجية

إجراء تعديل على حكومة الدكتور معروف البخيت كان قرارا مرجحا، خلافا لتوقعات بإمكانية رحيل الحكومة؛ إذ تشير المعطيات إلى أن تكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة لم يكن أمرا واردا، في ظل عدم اكتمال عمل لجنة التعديلات الدستورية وتوقف مهمة لجنة الحوار الوطني عند حدود كتابة توصيات وضعت بين يدي الحكومة.
ومعنى ذلك أن أية حكومة جديدة ستأتي لن تتمكن من وضع رؤيتها الخاصة، بل ستكون مهمتها الرئيسة إتمام مهمة حكومة البخيت، ومتابعة نتائج لجانها التي توسعت في تشكيلها بهدف وضع تصور نهائي لها.
وترجيح قرار التعديل مرتبط بعدم جدوى إحداث التغيير، في ظل ثبات المعطيات في المشهد المحلي، وعدم حدوث تغيير جوهري في المنظومة التي تحكم الأداء، إضافة إلى محدودية الأسماء المؤهلة لدخول نادي رؤساء الحكومات بشكل يلبي تطلعات شارع يغلي وله تطلعاته الإصلاحية والمطلبية.
انتصار فكرة التعديل مرده أن أية حكومة بغض النظر عن رئيسها كانت ستتعرض لهجوم، ليس لشخوصها علاقة به بقدر ما هو مرتبط بآليات التشكيل ومعايير الاختيار.
التعديل الذي أجراه البخيت على حكومته \"تكتيكي\" لعبور مرحلة صعبة في تاريخ الأردن والحكومة نفسها، وهدفه عبور الفترة المقبلة التي نتوقع أن تشهد تصعيدا شعبيا مطلبيا وإصلاحيا، خصوصا أن الحكم النهائي بحق هذه الحكومة صدر منذ اكتشاف سفر خالد شاهين، وأكد الحكم عليها التفاصيل التي كشفها تقرير لجنة التحقيق النيابية بحق رئيس الوزراء.
أظن أن التعديل الذي توسع به الرئيس بهدف تقوية فريقه لن يؤهله لحمل المرحلة المقبلة، خصوصا أن الناس استشعروا تعثر مسيرة الحكومة وضعف حيلتها حيال كثير من الملفات، وسط نهج حكومي يرتكز على مماطلة غير مبررة ولا يرتقي للمزاج الشعبي السلبي في هذه الفترة.
لكن السؤال الذي يستوجب تقديم رأي فيه، ماذا سيضيف التعديل لحكومة البخيت؟.
بتقديري أن الأسماء التي أضيفت لقائمة حكومة البخيت الثانية لن تقدم صك الغفران لحكومة خلقت كثيرا من الأزمات، ولم تقدر على التعامل مع كثير منها بالمستوى المطلوب، لا بل إن معظم ما قامت به لم يتجاوز ردود الأفعال لأزمات خلقتها الحكومة نفسها.
كما أن الإبقاء على الفريق الاقتصادي، وإضافة حقيبة جديدة هي الشؤون الاقتصادية \"لا اعرف ماذا ستضيف\" لن يغني الفريق، ما يعني أن الأزمة الاقتصادية التي قاربت على الانفجار لن تشهد أي تطور يقينا من تفاقم الوضع الاقتصادي.
سياسيا واقتصاديا لا يبدو أن في جعبة الحكومة الكثير مما تفعله، ما يعني أن الشهور الجديدة في عمر حكومة البخيت ستعني ثبات كثير من الملفات من دون تغيير إيجابي جذري، وسنظل لشهور مقبلة ننتظر تشكيل حكومة جديدة تتحمل المرحلة ومسؤولياتها الصعبة.(الغد)