بين الاصولية والليبرالية

بعد الإعلان الامريكي عن اغتيال اسامة بن لادن في الباكستان تركزت تعليقات الفضائيات والصحف والمنابر المختلفة وبكل تلاوينها وحساباتها, تركزت في نقاش موجه مبرمج يقدم ويسوق الليبرالية كبديل شعبي للاصولية السلفية. ويرى في وفاة اسامة بن لادن نهاية حقبة من العمل العسكري السلفي وبداية حقبة من الكفاح المدني السلمي (سلمية سلمية) كما تقترح اكاديمية التغيير السلمي البريطانية ومصادرها النظرية (جين شارب وبيتر اكرمان) في جامعة هارفارد ومؤسسة فريدوم هاوس الامريكية.
والمهم في كل ذلك صرف الانتباه عن المهام الحقيقية للحراك الشعبي العربي والصحوة المتأخرة ضد الفساد والاستبداد وسطوة الشرطة السرية على الحياة السياسية والمدنية العربية, واختصار الحراك الشعبي في ملفات حقوق الانسان والمواطنة كما تقترح اكاديمية التغيير المشار لها.
وفي الحقيقة وفي صورة من رد الفعل غير الجدلية, فان اوساطا من اليسار والقوى الوطنية تأخذ موقفا مطلقا ضد الديمقراطية وتستعيد خطاب المراحل السابقة بدون اية مراجعة نقدية, وتبدو كوجه ايديولوجي او اصولية يسارية مضادة او مقلوبة للاصولية السلفية والليبرالية الجديدة.
بالمقابل وبعيدا عن الخيارات الثلاث: السلفية المشغولة بالحاكمية, والليبرالية المشغولة بحقوق الانسان والمواطنة والحديث المجرد عن الديمقراطية, ووجههما اليساري والوطني الذيم لم يغادر الخطاب القديم, فالمطلوب شعبيا صياغة خطاب جديد يعيد انتاج الديمقراطية والثورات الدستورية في اطار برنامج عمل جديد يكسر التبعية من موقع الالتحام مع الافق القومي العربي وقضاياه المختلفة. فلا ديمقراطية خارج خطاب الصراع العربي - الصهيوني, ولا فك للتبعية في الاطار الوطني بعيدا عن التصورات القومية, ليس بوصفها نقطة عمل على جدول الخطاب القطري الوطني, بل بوصفها دليل عمل وخيارا اساسيا يحدد بقية المهام والمعضلات وطريقة التصدي لها.(العرب اليوم)