رافد استثماري أم عبء مالي؟

عند الترويج لمشـروع تحويل العقبـة إلى منطقة اقتصادية خاصة، في عهد حكومة أبو الراغب، قيل لنا أنها سـتكون نقطة جذب لاستثمارات جديدة تخلـق فرص عمل غزيرة، ورافـداً لتغذية الخزينة بإيرادات إضافية كبيرة.
بعد عشر سنوات من التطبيق لم تتدفق على العقبة سوى بعض المشاريع الإسـكانية لتعمل كشاليهات لأثرياء عمان، وبعض الأعمال التجارية، التي يمثل معظمها نقلاً لمركز النشاط التجاري من عمان إلى العقبة للاستفادة من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية. أما المدينة الصناعية التي كلفت الملايين فلم تجتذب سوى مصنع ونصف على حد تعبير مسؤولي المنطقة.
بعد هذه السنوات الطوال من التطبيق يتضح أن العقبة عبء ثقيل على الخزينة وليست رافداً لها. وحتى لو حولت بعض الإيرادات إلى الخزينة فهي تمثل جزءاً من حصيلة مبيعات أراضي الدولـة أو رسوم جمارك ومبيعات مخفضة كانت ستدفع كاملة في جمرك عمان لولا الوضع الخاص لمنطقة العقبة.
إلى جانب ذلك فإن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تستهلك استثمارات حكومية كبيرة في مجال البنية التحتية لم تكن واردة بهذا الحجم لو ظلت العقبة إحدى مدن المملكة بدون تمييز.
على سبيل المثال طلبت منطقة العقبة من الحكومة تخصيص عشرات الملايين من الدنانير لتأسيس شركة كبرى لتطوير العقبـة، أي السير بعكس تيار التخاصية، وطلبت في الوقت ذاته من الموازنة تخصيص ملايين الدنانير لبناء طريق الاستثمار، أي طريق دائري عالي التكاليف. وتبقى النتيجة واضحة وهي أن العقبة ما تزال عبئاً على الخزينة وليست رافداً لها.
كان الوعد أن الحوافز الضريبية والتسهيلات الإدارية من شأنها أن تجتذب استثمارات القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي إلى منطقة العقبة الخاصة، أما أن تقدم الخزينة كل هذه التضحيات دون أن تجني سوى المزيد من الطلبات فهذه حالة غير مقبولة. يقول رئيس وزراء سابق لو أن المال الذي أنفـق على منطقة العقبة الخاصة أنفـق على قرية حوشا لأصبحت مثل باريس!!.
في بداية العقـد الثاني من حياة منطقة العقبـة الاقتصادية الخاصة جاء الوقت لإعادة تقييم المشروع من النواحي المالية والوطنية، حيث وعد بالكثير لكنه أخـذ أكثر مما أعطى، إذا كان قـد أعطى شـيئاً على الإطلاق.(الراي)